
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
الإعجاز والإيجاز

● [ الباب السادس ] ●
في لطايف كلام الوزراء والسادات
● أبو مسلمة الخلال وزير السفاح
كان يقول : خاطر من ركب البحر وأشد منه مخاطرة من داخل الملوك.
● الربيع بن يونس وزير المنصور
كان يقول : موائد الملوك للشرف لا للشبع .
● أبو عبد الله وزير المهدي
كان يقول : حسن البشر علم من أعلام النجاح . ويقول : عقول الرجال تحت أسنة أقلامها . ومن كلامه خير الكلام ما قل ودل ولم يمل.
● الفيض بن أبي صالح وزيره أيضاً
من كلامه المعروف حسن الوجه طيب الطعم ذكي العرف ولا خير فيه إذا لم يرب.
● يحيى بن خالد البرمكي وزير الرشيد
ما رأيت باكياً أحسن تبسماً من القلم . وكان يقول : الصديق إما إن شفع وإما أن يشفع . ومن كلامه : المواعيد شباك الكرام يصطادون بها محامد الأحرار . ومن كلامه ما أحد رأى في ولده ما يحب إلا رأى في نفسه ما يكره . وقال في النكبة : دخلنا في الدنيا دخولاً أخرجنا منها.
● الفضل بن يحيى وزيره أيضاً
جرى يوماً بين يديه مدح الناس أياه لجوده فقال وما قدر الدنيا حتى يمدح ما يجود بها كلها فضلاً عن بعضها . ولما عزل وخلفه أخوه جعفر قال : ما انتقلت عني نعمة صارت إلى أخي ولا غربت عني رتبة طلعت عليه.
● جعفر بن يحيى وزيره أيضاً
شر المال ما ألزمك إثم مكسبه . وحرمت الأجر في إنفاقه . ومن توقيعاته الخراج عمود الملك وما استعز بمثل العدل وما استدبر بمثل الجور . وكان يقول : إذا كان الإيجاز كافياً كان الإكثار لاغياً . وإذا كان الإيجاز مقصراً . كان الإكثار أبلغ.
● الفضل بن الربيع وزير الرشيد والأمين
كان يقول : ما أظن النعمة إلا مسخوطاً عليها أما ترونها أبداً عند غير أهلها . وكان يقول إياكم ومخاطبة الملوك . بكل ما يقتضي جواباً لأنهم إن أجابوكم اشتد عليهم وإن لم يجيبوكم اشتد عليكم.
● الفضل بن سهل وزير المأمون
من فراهة العبد شدة هيبته لمولاه . ومن توقيعاته الأمور بتمامها والأعمال بخواتيمها والصنائع باستدامتها.
● أخوه الحسن بن سهل وزير المأمون
عجبت لمن يرجو من فوقه كيف يحرم من دونه . وكان يقول : الشرف في السرف . فقيل له لا خير في السرف . فقال لا سرف في الخير . فرد اللفظ واستوفى المعنى . وكان يقول : لا يصلح للصدر إلا واسع الصدر.
● جعفر بن أبي خالد وزير المأمون
لما أراد المأمون أن يستوزره قال له : يا أمير المؤمنين الوزارة هي العناية وما بعد العناية إلا الآفات . وكان يقول لا ينبغي أن يصغر أمر عدو السلطان لأنه منه بين حالين إما ظفر به فلن يحمد أو عجز عنه فلن يعذر.
● أحمد بن يوسف وزيره أيضاً
كان يقول : بالأقلام تساس الأقاليم . وكتب إلى صديق له يستدعيه . يوم الإلتقا قصير فأعن عليه بالبكور . وذكر عنان بن عباد فقال : محاسنه أكثر من مساويه ولن يأتي ما يعتذر منه . وكتب إلى المأمون مع هدية : قد بعثت إلى أمير المؤمنين قليلاً من كثيره عندي.
● محمد بن بزداذ وزيره أيضا
كان يقول ليس في الحب مشورة ولا في الشهوات خصومة . ومن توقيعاته : أبواب الملوك معادن الحاجات وليس لاستنجاحها سوى الصبر والملازمة.
● الفضل بن مروان وزير المعتصم
مثل الكاتب كالدولاب . إذا تعطل تكسر . وكان يقول : المسئلة عن الصديق لقاء . ومن كلامه : ما رأيت أقرب رضى من سخط ولا أسرع ما بين قرب وبعد من الملوك.
● محمد بن عبد الملك وزيره أيضا
كان يقول : قد صنع إليّ أمير المؤمنين صنيعة تفرد بها نقلني من ذل التجارة إلى عز الوزارة . وكتب إلى عبد الله بن طاهر كتاباً قال في فصل منه : قطعت كتبي عنك قطع إجلال لا إخلال . ومن كلامه : الإرجاف مقدمة الكون وزند الفتنة.
● محمد بن الفضل الجرجرائي وزير المتوكل
عاتبه الكتوكل يوما على اشتغاله بالملاهي والقيان عن أعمال السطان فقال : يا أمير المؤمنين إن مقاساة هموم أهل الدنيا لا يتأتى إلا باستجلاب شيء من السرور.
● عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره أيضاً
كان يقول إذا دهانا أمر تصورناه في أصعب حالاته فما نقص منها كان سروراً نتعجله . وكان يقول : لسان الحال أنطق من لسان المقال.
● أحمد بن الخصيب وزير المنتصر
لما خلع عليه للوزارة قال : مثلي كمثل الناقة التي تزين للنحر .
● عبد الله بن محمد بن بزداذ وزير المستعين
وقع إلى عامل . يا هذا أسرفت وما أنصفت وأوجفت حتى أعجفت وأدللت فأممللت فاستصغر ما فعلت تبلغ ما أملت.
● عيسى بن فرخانشاه وزير المعتز
كان يقول : القلم الرديء كالولد العاق . قال ابن عباد وكالأخ المشاق . وكان عيسى يقول إني لا أشكر لحظه وأشكو لفظه.
● سليمان بن وهب وزير المهتدي
كان يقول : غزل المودة أدق من غزل العلاقة والنفس بالصديق آنس منها بالعشيق ويقول : إني أغار على أصدقائي كما أغار على حرمي . ونظر يوماً في المرآة فرأى شيباً كثيراً فقال : عيب لا عدمناه ووصف ابنه عبيد الله فقال : هو لي ولد سار كما إني له أخ بار . ومن كلامه : أحق الناس بالفضل أهل الفضل.
● أحمد بن صالح بن شيرزاد وزير المعتمد
كان يقول ينبغي أن يكون حظ العيون والأنوف من موائد الملوك كحظ الأفواه منها . وكان يقول : أعوذ من نحس الأربعاء وحد الأحد.
● الحسن بن مخلد وزير المعتمد أيضاً
كان يقول : أموالنا مثالنا تجيء جملة وتذهب جملة فلم نتعجل اللذات قبل ذهابها ونتمتع بصفو الزمان قبل كدره.
● صاعد بن خالد وزير المعتمد والموفق
كان يقول النفس أصل لا عوض عنه والمال فرع يعود إذا حاد عاد عما قليل ومن كلامه : المنع الجميل أحسن من الوعد الطويل.
● أبو الصقر إسماعيل بن بلبل وزيرهما أيضاً
كان يقول رب عامل يهنأ به عمله . ويقول : الخيانات تؤدي إلى الجنايات.
● عبيد الله بن سليم وزير المعتضد
وقع في كتاب مستنجز إياه وعداً . الشرط أملك والوعد كأخذ باليد والوفا من سجايا الكرام . وفي كتاب مذكر ليس كلما أهملناه نسناه ولا كلما أخرناه تركناه . ووقع إلى أحمد بن طولون : اتق الله في الأرصاد فإن الله بالمرصاد.
● القاسم بن عبيد الله وزيره أيضاً والمكتفى بعده
كان يقول : عقل الكاتب في قلمه والكلام الحسن مصايد القلوب .
● العباس بن الحسن وزير المكتفي والمقتدر
كان يقول : غرس البلوى يثمر الشكوى . وكان يقول مثل العامل كالخياط يقطع ثوباً ديباجاً بألف دينار ويوماً قوهياً بعشرة دراهم.
● أبو الحسن بن الفرات وزير المقتدر
كان يقول : ما أريد الوزارة إلا لصديق أنفعه أو عدو أقمعه . وكان يقول : إني لآلف كل شيء حتى الصديق والطريق وقال له الحسن ابنه : ما تركت لك عدواً فقال يا بنيّ ولا صديقاً.
● علي بن عيسى وزيره أيضاً
كان يقول : المضيع لا رزق له . ومن كلامه : ظلم الاتباع مضاف إلى المتبوع . وذكر ابن مقلة فقال : يريد أمره ليومه ولا يفكر في غده.
● أبو علي بن مقلة وزير المقتدر والقاهر والراضي
كان يقول : يعجبني من يقول الشعر تأدباً لا تكسباً ويتعاطى الغناء تطرباً لا تطلباً . ومن كلامه : إذا أحببت تهالكت وإذا أبغضت أهلكت وإذا رضيت آثرت وإذا غضبت أثرت.
● أبو جعفر محمد بن شيرزاد وزير المستكفي
الأصاغر يهفون والأكابر يعفون . ومن كلامه : من عمل ما يحب لقي ما يكره . وكان يقول : إياك والإفراط الممل والتفريط المخل.
● أبو عبد الله الجيهاني الكبير وزيره أيضاً
كان يقول : جمال المرء في لسانه وجمال المرأة في عقلها . ومن كلامه : حسن الذكر ثمرة العمر.
● المعروف بالحاكم وزير نوح بن نصر
أشقى الناس من باع دينه بدنيا غيره . وكان يقول : المكانة لدى الملوك مفتاح الفتنة وزند المحنة.
● أبو محمد بن محمد المهلبي وزير معز الدولة
من تعرض للمصائب تثبت للنوائب . ومن كلامه : من ضاف الأسد قراه أظفاره ومن حرك الدهر أراه اقتداره . ومن كلامه : من حنث في إيمانه وأخل بأمانته فإنما يحنث على نفسه . ومن كلامه : اكفف عن لم يكسبك بشماً وعن فعل يعقبك ندماً.
● أبو الفضل بن العميد وزير ركن الدولة
من أحاسن كلامه : خير القول ما أغناك جده وألهاك هزله . ومن كلامه : العاقل من افتتح في كل أمر خاتمته وعلم من بدء كل شيء عاقبته . وقال يوماً على المائدة : اطيب ما يكون الحمل إذا حلت الشمس الحمل.
● ابنه أبو الفتح ذو الكفايتين
كتب في صباه إلى الواذاري الكاتب : قد انتظمت يا سيدي في رفقة لي في سمط الثريا فإن لم تحفظ علينا النظام بإهداء المدام . صرنا كبنات نعش والسلام.
● الصاحب أبو القاسم بن عباد وزير فخر الدولة
كان يقول : دارنا هذه خان يدخلها من وفى ومن خان . وسأله ابن العميد عن بغداد فقال : هي في البلاد كأستاذ في العباد . وكان يقول الضمائر الصحاح أبلغ من الألسن الفصاح . ومن كلامه : وعد الكريم ألزم من دين الغريم . وكان يقول : لكل أمر أجل ولكل وقت رجل . و كان يقول : قد يبلغ الكلام حيث تقصر السهام . وقال في إنسان كذوب الفاختة عنده.
● أبو ذر
قال في وصف الحر : وجدت حراً يشبه قلب الصب ويذيب دماغ الضب . ومن كلامه : الآمال ممدوده والأنفاس معدودة . ومن كلامه : كتاب المرء عنوان عقله بل عيار قدره ولسان فضله بل ميزان علمه . و كان يقول : خير البر ما صفا وكفى شره ما تأخر وتكدر.
● أبو العباس أحمد إبراهيم الضبي وزيره بعد الصاحب
كتب رقعة وقال في فصل منها : الأرض زمردة والسماء سمير والأشجار وشي والنسيم عبير . والماء راح والطيور قيان.
● أبو الحسن محمد المزني وزير نوح بن منصور
كان يقول : أنا أقدم على كل شيء غير استئصال النعم وهتك الحرم . وقال لرجل من أصحابه يبني داره : تأنق فيها فهي عشك وفيها عيشك . ومن كلامه : إنما تنفذ أسنة أقلام الكتاب بظبي سيوف القواد.
● أبو نصر بن أبي زيد وزير الرضى ناصر الدين
كان يقول في استهانة بعض الأعداء : ما عسى أن يبلغ عض النملة ولسع النحل ووقوع البقة على النخلة . ومن كلامه : الهدية ترد بلاء الدنيا والصدقة ترد بلاء الآخرة.
● أبو إسحاق إبراهيم بن حمزة وزير أبي علي السيمجوري
سمعته يقول : ينبغي للأصاغر أن يتقدموا الأكابر في ثلاثة مواطن إذا ساروا ليلاً وخاضوا نهراً وواجهوا خيلاً.
● أبو الحسن الأهوازي وزير صاحب الصغانيات
من حسن حاله استحسن محاله . العدل أقوى جيش والأمن أهنى عيش . من زرع الأحن حصد المحن.
● أبو القاسم أحمد بن الحسن وزير السلطان محمود
من لم يقدمه عزمه أخره عجزه . ومن توقيعاته : كم وضيع رفعه خلقه ورفيع وضعه خرقه.

كتاب : الإعجاز والإيجاز
تأليف : الثعالبي
مجلة نافذة ثقافية الإلكترونية ـ البوابة
