غذاؤك- Admin
- عدد المساهمات : 2100
تاريخ التسجيل : 12/11/2013
من طرف غذاؤك الأربعاء 29 أبريل 2020 - 21:09
بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
مكتبة الفقه الإسلامي
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي . المجلد الأول
● [ تابع كتاب الطهارة ] ●
باب صفة الغسل على كماله
كمال الغسل أن يغسل الجنب يديه قبل أن يدخلها في الإناء ثلاثا حتى ينقيهما ويذكر اسم الله ويتوضأ وضوءه للصلاة والمضمضة والاستنشاق والاستنثار سنة في غسل الجنابة كما هو في الوضوء ثم يخلل أصول شعر رأسه ولحيته بالماء ويصب عليه الماء ويضغثه ويعركه حتى يعرف أن الماء قد بلغ أصول شعره وعم جمعيه ثم يغسل جسده.
يبدأ إن شاء بميامنه ويصب الماء على أعضائه بيديه أو بالإناء ويتدلك [حتى يعم جميع جسده] بالماء وإمرار اليد عليه، وكذلك غسل المرأة من الحيض والنفاس [والجنابة سواء ويلزم] كل واحد [منهما أن يتعهد مغابنه] وأعكانه وما تغضن منه بصب [الماء والأسباغ] وليس على المرأة نقص شعرها عند غسلها ويجزئها الحثي والضغث مع كل حثية وقد قيل: إن من غمر جسده في الماء بالصب والانغماس مع نية القصد لأداء فرضه اجزأه وإن لم يعم جسده بالتدليك إذا عمه بالغسل والأول [ أصوب وهو المذهب ] وليس لقدر ما يتوضأ به المحدث ويغتسل به الجنب [من الماء حد وحسب ]المرء ما يكفيه والإسراف [فيه] مذموم والوضوء قبل الغسل من الجنابة سنة لا حتم ومن خرج منه ماء دافق بعد الغسل دون شهوة اجزأه الوضوء ، ومن اغتسل في ماء راكد من جنابة بعد أن غسل مابه من الأذى كره له ذلك لإدخاله على غيره فيه بالاستعمال وهو مع ذلك طاهر على ماتقدم ذكره
● [ باب أقل ما يجزأ من الغسل ] ●
أقل ذلك أن يأتي بالماء على جميع بدنه ويعم رأسه ولحيته حتى يوقن ببلل جمعيها ويجري الماء في أصول شعره إن كان ذا شعر من رجل أو امرأة ويغسل الظفائر ويمر يديه على جميع بدنه ولا يجزيه في المشهور من مذهب مالك غير ذلك وذكر أبو الفرج رحمه الله أنه يجزي عند مالك أن ينغمس الرجل في الماء إذا طال مكثة فيه أو والى بصب الماء على نفسه حتى يعم بدنه قال: وهذا ينوب للمغتسل عن إمرار يديه على جسده قال: وإلى هذا المعنى ذهب مالك، قال: وإنما أمر بإمرار اليد على البدن في الغسل لأنه لا يكاد من لم يمر يديه يسلم من سكب الماء عن بعض ما يجب غسله من جسمه قال أبو عمر رضي الله عنه: قد قال بترك التدلك في الغسل جماعة من فقهاء التابعين بالمدينة على ظاهر حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما في غسل النبس عليه السلام ولم يذكرا تدلكا، ولكن المشهور من مذهب مالك أنه لا يجزيه حتى يتدلك وهو الصحيح إن شاء الله قياسا على غسل الوجه ومن ترك شيئا من غسله من رأسه إلى طرف قدمه ناسيا غسله متى ما ذكر وأعاد ما صلى قبل ذلك وأن تركه عامدا استأنف الغسل وقد اختلف أهل المدينة قديما في تبعيض الغسل فاجازه من سلفهم طائفة إذا كان ذلك الغسل بنية الغسل وأباه الآخرون وبه قال مالك وأصحابه.
● [ باب المسح على الخفين ] ●
كل من [توضأ فأكمل] وضوءه ثم لبس خفيه جاز له إذا أحدث أن يمسح عليهما ولا يجوز أدخل قديمه في خفيه وهما طاهرتان بطهر الوضوء وتمامه [ أنه يمسح على خفيه ]ومن لبس خفيه بطهارة التيمم لم يجز له المسح عليهما وكذلك من لبس أحدهما قبل تمام غسل رجليه جميعا لم يمسح عليهما في المشهور من مذهب مالك وقد قيل: له المسح لأن كل رجل لم تدخل في الخف إلا بعد طهارتها فإن نزع الخف من الأولى هم أعاده مسح عليهما بلا اختلاف والرجال والنساء والمسافر والحاضر في المسح على الخفين سواء يمسح كل واحد منهما ما بدا له من غير توقيت إذا كان الخفان قد تجاوزا الكعبين ولم يكونا مخرقين خرقا فاحشا واليسير من الخرق معفو عنه ولا يجوز المسح على خف لم يبلغ الكعب فإذا بلغ الكعب مسح عليه لابسه ولا يضره قصره والمحرم لا يمسح على الخفين إلا أن يكون مضطرا إلى لباسهما فيلبسهما ويفتدي فإن كان ذلك مسح عليهما وإن لبسهما فيلبسهما ويفتدي فإن كان ذلك مسح عليهما وإن لبسهما من غير ضرورة لم يمسح لأنه عاص بلبسهما والخفان اللذان يجوز للمحمرم لباسهما لا يجوز لأحد المسح عليهما لقصورها عن الكعبين ، وقد روى أبو مصعب عن مالك: أنه أجاز للمحرم المسح على خفيه ، وإن كانا دون الكعبين وتحصيل مذهبه ما قدمت لك وقد روي عن مالك في رسالته إلى هارون التوقيت في المسح على الخفين ولا يثبت ذلك عنه عند أصحابه وقد قال به جماعة من علماء المدينة وغيرها .
والتوقيت: ثلاثة أيام بلياليه للمسافر: خمس عشرة صلاة ويوم وليلة للمقيم: خمس صلوات والمشهور عن مالك وأهل المدينة ان لا توقيت في المسح عاى الخفين وأن المسافر يمسح ما شاء ما لم يجنب ويستحب له أن لا يمسح أكثر من جمعة لغسل الجمعة وقد قيل عنه: لا يمسح من جمعة ولا يجوز لمن مسح عل خفيه ثم نزعها أن يصلى حتى يغسل قدميه ومن نزع خفيه أو أحدهما بعد أن كان مسح عليهما غسل رجليه مكانه فإن كان اخر ذلك استأنف الوضوء وكيفية المسح: أن يمسح على ظهور الخفين وبطونهما فيضع يدا على الخف ويدا تحته ويمسح إلى مقدم المؤخر وأصل الساق ولا يتبع غضون الخف وإن جعل يده السفلى من مؤخر الرجل إلى أطراف الأصابع كان وجها وكيف ما مسح أجزأه ويبلغ بالمسح الكعبين وإن استوعب المسح كره له واجزأه عنه ويجزئ مسح ظهور الخفين ولا يجزئ مسح بطونها وإن مسح بطونهما دون ظهورهما لم يجره.
وكره مالك الاقتصار على الظهور خاصة واستحب لمن فعله أن يعيد في الوقت ويمسح على الجرموقين ولا يمسح أحد على الجوربين.
فإن كان الجوربان مجلدين كالخفين مسح عليهما وقد روي عن مالك: منع المسح على الجوربين وإن كانا مجلدين والأول اصح.
وكذلك: اختلف قوله في المسح على [خفين] تحتهما خفان فروي عنه إجازة المسح على الأعليين لأن علة المسح على الخفين الأسفلين موجودةفي الخفين الأعليين فإن مسح الأعليين مسح على الأسفلين فإن نزعهما غسل رجليه ولو نزع الأعليين ولم يمسح على الأسفلين كان كمن نزع خفيه ولم يغسل رجليه وقد مضى الحكم في ذلك.
ومن خرج عقبه من قدم خفه إلى ساقه لم يضره فأن خرجت الرجل كلها أو جلها نزع خفيه جميعا وغسل رجليه وهذا هو المشهور من مذهب مالك وقد روى عنه أشهب أنه يغسل الرجل التي ظهرت وحدها والأول ذكره ابن القاسم وابن عبد الحكم وهو تحصيل المذهب.
ويجوز المسح على جبائر الفك والكسر وعلى عصائب الجراح ولا يجوز على خضاب ولا غيره مما لا ضرر في نزعه وعلى الماسح على الجبائر وإذا مسح غسل موضع الغسل فإن أخر استأنف الغسل والوضوء وقد قيل: يجزئه غسل الموضع وإن طال وإنما يمسح على الجبائر والعصائب إذا قلت الجراح في الجسد ، فأما إذا كثرت فيه ففرض من نزل به ذلك التيمم دون غسل المواضع الصحيحة من جسده ويمسح على العصائب والجبائر من شدهما على وضوء وعلى غير وضوء بخلاف المسح على الخفين لأنها طهارة ضرورة وإذا نزعهما لزمه ما يلزم من نزع خفيه فإن نزعهما ثم أعادهما أعاد المسح عليهما في الحال ولا يجوز لأحد المسح على عمامة ولا خمار كما لا يجوز على الخضاب.
● [ باب التيمم ] ●
كل من عدم الماء فلم يجده بعد طلبه ولا قدر عليه جاز له التيمم في السفر والحضر ومن خاف خروج الوقت في معالجة الماء تيمم في الحضر والسفر وإن أدرك هذا خاصة الماء في الوقت أعاد استحبابا ولا يتيمم أحد في حضر لخوف فوت الصلاة على الجنازة ومن رجا الماء من المسافرين لم يتيمم عند مالك إلا في آخر الوقت استحبابا ومن يئس منه تيمم في أول الوقت ومن كان بين الراجي والخائف تيمم وقد استحب طائفة من أصحاب مالك التيمم في وسط الوقت للجميع ولو تيمم مسافر لا يجد الماء في أول الوقت لم يخرج لأنه بادر إلى ما قد وجب عليه من صلاته بما أمكنه من طهارة ومن خاف على نفسه من الماء كالمحصوب والمجدور وصاحب الجراح الكثيرة تيمم ومن لم يكن معه من الماء إلا مقدار ما يحتاج إليه لشربه وهو عاطش يخاف على نفسه ولا يرجو الماء فهو كمن لا ماء له ويتيمم وكذلك إن خاف العطش على غيره وخشي ذهاب نفسه.
والجنب الصحيح إذا خاف من شدة البرد التلف تيمم وكذلك المريض إذا خاف الزيادة في مرضه أو تأخر برؤه أو لم يجد من يناوله الماء تيمم وليس على أحد أن يشتري الماء لوضوئه بأكثر من قيمته أضعافا [ولا حد فيما يزاد] فيه إلا ما لا يتغابن بمثله ومن كثرت الجراح في جسده وهو جنب تيمم [وترك استعمال الماء].
وكذلك المحدث إذا كثرت الجراح في مواضع الوضوء ولو كانت جراحه يسيرة وأجنب غسل ما صح من جسده ومسح على العصائب والجبائر و أجزأه ولا يجزأ التيمم إلا بنية والتيمم للجنابة وللحدث وللفريضة والنافلة سواء إلا أنه لا بد من ذكر الجنابة في نفسه والقصد إليها بنية عند التيمم من أجلها ومن لم يكفه الماء لم يلزمه أن يجمع بين التيمم والوضوء وصفة التيمم أن يضرب بيديه على الصعيد الطاهر ثم يمسح بهما وجهه ويعمه بإمرار يديه عليه ثم ضربة أخرى بيديه يمسح اليمنى باليسرى و اليسرى باليمنى إلى المرفقين يبدأ بيمنى يديه فيمسحها باليسرى منهما ويجرى باطن أصابع اليسرى وكفه على ظاهر راحته اليمنى وذراعه إلى مرفقه ثم يمر باطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ويفعل في يده اليسرى باليمنى كذلك وإن قدم في التيمم يسرى يديه على اليمنى كره له و أجزأه ، وكذلك إن نكس التيمم ، فمسح يديه قبل وجهه وهذا أشد كراهية وقد مضى في الوضوء هذا المعنى ولو مسح وجهه وذراعيه بضربة واحدة أجزأه ولو تيمم إلى الكوعين فقد اختلف أهل المدينة وأصحاب مالك في ذلك فقيل: لا شيء عليه وقيل: يعيد في الوقت وهو تحصيل مذهب ابن القاسم.
وقيل: يعيد على كل حال إذا لم يتيمم إلى المرفقين وهو قول ابن نافع وابن عبد الحكم وابن سحنون وهذا أحب إلى.
والتيمم للرجال والنساء سواء ويلزم الحائض أن تنوي بتيممها الطهر من حيضتها ومن تيمم على صعيد نجس أعاد أبدا وقيل في الوقت وهذا إذا كانت النجاسة غير ظاهرة في الصعيد فإن كانت ظاهرة وتيمم عليها أعاد أبدا.
والصعيد كل ما اتصل بالأرض وصعد عليها من السباخ، والحجارة والحصاة والثلج الملتئم على وجه الأرض واختلف قوله في التيمم على الثلج وكل تراب صعد وليس غبار الثياب بصعيد إذا كان فيها.
وافضل الصعيد أرض الحرث ولا يتيمم أحد لصلاة إلا بعد دخول وقتها وبعد طلب الماء لها فإذا عدمه تيمم ويلزمه التيمم لكل صلاة مكتوبة لأنه يلزمه الطلب للماء إذا دخل وقت الصلاة فإذا عدم الماء دخل فيمن خوطب بالتيمم بقول الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} ، ولا يصلي صلاتي فرض ولا صلوات مكتوبة بتيمم واحد ، إلا إن يكون في وقت ومن فاتته صلوات ، فذكرها في غير وقتها فجائز ان يصليها كلها بتيمم واحد ومن أهل المدينة واصحاب مالك من يقول: يتيمم للفوائت أيضا لكل صلاة منها وقتها بالذكر واحد ومن رأى التيمم لكل صلاة من الفوائت لا يجب إلا بانقضاء الأولى وإنما يجب التيمم بدخول الوقت ، لأن أصلهم أنه لا يتيمم لكل صلاة مكتوبة قبل دخول وقتها وأما النوافل فجائز أن يصلي منها ما شاء بتيمم واحد إذا اتصل ذلك ويتنفل بعد المكتوبة في الفور بالتيمم ما أحب وإن تنفل قبلها استأنف التيممم لها عند مالك وأكثر أصحابه ولا يصلي الصبح بتيمم ركعتي الفجر وكذلك من تيمم لنافلة لم يصل بذلك التيمم شيئا من الفرائض ومن شرط التيمم أن يكون متصلا بالصلاة ومن تيمم بعد طلب الماء، وعدمه ثم جاء الماء قبل دخوله في الصلاة بطل تيممه فإن افتتح الصلاة ثم طلع عليه الماء فلا يقطع صلاته ويتمادى فيها ولا شيء عليه إلا أنه يستأنف الوضوء لما يستقبل صلواته.
وقد قيل: يقطع ما هو فيه من الصلاة ويتوضأ بالماء ويستأنف صلاته لأنه لا يجوز له أن يصلي بعض صلاته بالتيمم وهو واجد ماء كما لا يجوز له أن يبتدئها بالتيمم وهو واجد ماء كالمعتدة بالشهور يظهر بها الدم ولا يجوز لها ان تعتد بما مضى من الشهور وتستأنف عدتها بالحيض وكان سحنون يميل إلى هذا.
وهو: صحيح في النظر والاحتياط والأول قول مالك وعليه أكثر الحجاز ولو اجتمع في سفر جنب وحائض وميت وليس معهم من الماء ما يكفي أحدهم فأيهم سلمه لصاحبه فلا حرج عليه إذا كانوا شركاء فيه وفرض الآخرين التيمم وقيل ان الميت أولى بالماء على طريق الاستحباب لأن الحي يجد الماء فيتطهر به بعد وإذا دفن الميت فليس كذلك وقيل بل الحي أولى به لأن غسله آكد
● [ باب الحيض والاستحاضة والنفاس ] ●
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة" وأجمع العلماء على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم ما دام حيضها يحبسها.
وأجمعوا أيضا على أنها لا تقضي الصلاة وتقضي الصوم وتقضي الحائض والنفساء كل صلاة طهرت في وقتها ولا تجوز مضاجعتها إلا إذا كان عليها مئزرها قال مالك ولا يجامعها إذا رأت الطهر حتى تغتسل.
والحائض والنفساء في ذلك سواء وأكثر الحيض خمسة عشر يوما وليس لأقله حد.
وكل دم ظهر من الرحم فهو حيض قليلا كان أو كثيرا ولو دفعة واحدة حتى يتجاوز مقدار الحيض فيعلم حينئذ أنه استحاضة والصفرة والكدرة عند مالك حيض في أيام الحيض وفي غير أيام الحيض وقد قيل: إنما تكون كالحيض في أيام الحيض وفي غير أيام وقيل تكون كالحيض والأول تحصيل مذهبه.
واختلف أصحاب مالك في أقل الطهر الذي تعتد به المطلقة فقال بعضهم: سبعة أيام أو ثمانية وقال بعضهم: عشرة وقال بعضهم: أقله خمسة أيام وقال بعضهم: عشرة وقال بعضهم: أقله خمسة أيام وقال بعضهم: أقله خمسة عشر يوما وعلى هذا أكثر العلماء وليس لكثرة الطهر حد.
وأما النفاس ، فلا حد لأقله وأكثره ستون يوما عند مالك وجماعة من فقهاء الحجاز وروي عن جماعة من الصحابة أن أكثر مدة النفاس: أربعون يوما وهو قول الليث وقد روى عن مالك في أكثر النفاس: أنه مردود إلى عرف النساء وقال محمد بن مسلمة: أقصى ما تحيض النساء خمسة عشر يوما وأدناه ثلاثة أيام وقال غيره من المدنيين: أدنى الحيض يوم وليلة وعلى حسب اختلافهم في الطهر مراعاتهم لما بين الدمين فإن كان طهرا كاملا كان الدم بعده حيضا مستأنفا وإن كان مقداره لا يبلغ أقل الطهر ألغي ولم يحتسب به وأضيف الدم الأول إلى الثاني وجعل حيضة منقطعة تغتسل منها المرأة عند إدبار الدم وإقبال الطهر يوما كان أو أكثر وتصلي فإذا عاد الدم إليها كفت عن الصلاة وضمته إلى إيام دمها وعدته من حيضتها فإذا زاد على مقدار أكثر الحيض عدته استحاضة والمستحاضة كالطاهر تصلي وتصوم ويأتيها زوجها والحيض في النساء على أصناف:
1- فمنهن: المبتدئة بالحيض فإذا رأت الدم كفت عن الصلاة إلى تمام خمسة عشر يوما فإن انقطع فيها أو فيما دونها فهو حيض كله لا تصلي معه فإن زاد على الخمسة عشر يوما فهو دم فساد واستحاضة وتغتسل عند انقضاء الخمسة عشر يوما وتصلي ويغشاها زرجها وأحكامها أحكام المستحاضة وسواء عند مالك كانت مبتدئة بالدم أو كانت لها أيام معروفة.
هذه رواية ابن وهب عن مالك وعليها أكثر أهل المدينةإلا أن منهم من يقول: إن المبتدئة إذا اغتسلت قضت صلوات تلك الأيام إلا أقل ما تكون فيه المرأة حائضا من الأيام لأن الصلاة لا تتركها إلا بيقين وهو احتياط والأول - هو المذهب.
وقد قيل: فيمن استمر بها الدم بعد أيام حيضها المعروفة أنها تستظهر بثلاث وقيل: تستظهر مابينها وبين أكثر الحيض وقد قيل: لا تترك الصلاة بعد أيامها ولكنها لا يأتيها زرجها حتى تتم لها خمسة عشر يوما ولو تمادى ذلك بها.
وروى ابن القاسم عن مالك في التي لها أيام معروفة أنها إذا زادت عليها استظهرت بثلاثة أيام إلا أن تكون الثلاثة الأيام تتجاوز بها الخمسة عشر يوما فإن كان ذلك لم تتجاوز الخمسة عشر يوما ثم تغتسل وتصلي وتكون مستحاضة بعد ذلك، قال: وإن كانت مبتدئة الأيام لها، جلست مقدار حيض لداتها من النساء ثم استظهرت بثلاثة أيام استظهار التي لها أيام معروفة.
2- ومنهن: إمرأة لها أيام ترى الدم فيها، وتختلف بها الأيام فيطول عدد أيامها ويقصر فإنها تقعد عن الصلاة إذا رأت الدم وتصلي إذا رأت الطهر كالمبتدئة وقيل تستظهر على أكثر أيامها وقيل بل على أقلها وقيل لا تستظهر وإذا زاد دمها على خمسة عشر يوما رجعت إلى أقل العادة ومن كانت لها عادة في أيام حيضتها فانقطع دمها قبل تمام تلك الأيام لنقصان حيضها اغتسلت عند انقطاع دمها وصلت.
3- ومنهن: إمرأة اتصل بها الدم، ورادت على خمسة عشر يوما وكانت ممن تميز دمها فترى منه أسود محتدما منتنا ومنه أصفر رقيقا منتزفا فحيضتها منه الأسود الثخين المحتدم وما بعده استحاضة وفي هذه قال مالك تعمل التمييز بين الدمين على تغير الدمين لا على الأيام التي كانت تحيضها وسواء رأت الدم في أيام طهرها أو بعدها إذا كان دما تنكره من دم الاستحاضة وترى أنه دم حيض تترك له الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر لا تزيد عليها وقد قيل: إنها تستظهر بثلاث وقيل: إنها تقعد إلى أقصى أمد الحيض والأول أصوب إن شاء الله ثم تغتسل ولا تزال تصلي وتصوم أبدا حتى ترى ماتنكره فتترك له الصلاة قدر أيامها المعروفة لها.
4ـ ومنهن: إمرأة اتصل بها الدم وأطبق عليها ولم تميز دم حيضها فإنها تقعد عدد تلك الأيام ثم تغتسل من دم استحاضتها غير أنها تذكر أيامها المعتادة في حيضتها فإنها تقعد عدد تلك الأيام وتستثفر وتصلي وقد قيل في هذه: إنها تقعد أيام لداتها، وقيل: إنها كالمبتدئة وقيل: إنها تقعد ستا أو سبعا وهذا القول أضعفها والأول أصحها من جهة الأثر والنظر وكلها أقاويل أهل المدينة وإذا أدبر دم الحيض وانقطع وأقبل دم الاستحاضة اغتسلت كغسل الحائض إذا طهرت وكذلك من انتقل حكمها من الحيض إلى الاستحاضة اغتسلت ولا غسل على مستحاضة وتتوضأ لكل صلاة وليس ذلك عليها عند مالك بواجب ويستحسنه لها وعند غيره من أهل المدينة هو: واجب عليها ولو أفاقت المستحاضة من علتها وانقطع دم الاستحاضة عنها لم يكن عليها غسل.
ومن أهل العلم من يستحب لها الغسل وقد روي ذلك عن مالك.
والمستحاضة طاهر تصلي وتصوم وتطوف بالبيت وتقرأ في المصحف ويجامعها زوجها إن شاء مادامت تصلى في استحاضتها.
وحكم سلس البول والمذي إذا كان دائما لا ينقطع كحكم المستحاضة يستحب لهما مالك الوضوء لكل صلاة وغيرة يوجبه فإن خرج المذي لشهوة أو البول لعادة وجب الوضوء على ما قدمنا ذكره قياسا على من صلى وجرحه لا يرقأ ومن غلبه الرعاف أومأ في صلاته.
● [ تم كتاب الطهارة ] ●
الكافي في فقه أهل المدينة
الفقه المالكي
تأليف: أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي
منتدى ميراث الرسول - البوابة