منتدى غذاؤك دواؤك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتاب الشهادات [ 2 ]

    avatar
    غذاؤك
    Admin


    عدد المساهمات : 2100
    تاريخ التسجيل : 12/11/2013

    كتاب الشهادات [ 2 ] Empty كتاب الشهادات [ 2 ]

    مُساهمة من طرف غذاؤك السبت 4 ديسمبر 2021 - 21:20

    كتاب الشهادات [ 2 ] Fekyh_18

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقة الإسلامي
    المحرر في الفقه
    على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المجلد الثاني
    كتاب الشهادات [ 2 ] 1410
    ● [ تابع كتاب الشهادات ] ●

    ● تابع باب شروط من تقبل شهادته

    O متابعة المتن
    وأما المروءة فاستعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه فلا تقبل
    __________
    فأما إن احتمل عند الشاهد أن العقد فاسد فإنه يشهد وكذلك ينبغي إن ظن فساده على مقتضى كلام الإمام أحمد السابق لكن هنا ينبغي أن يقال يكره وقد يقال بتحريمه كما في ظن جعل العصير خمرا وظن جعل الدار المستأجرة مكانا يباع فيه الخمر.
    وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر فصل الشهادة على الإقرار الذي يعلم أنه تلجئه أو كاذب أو فيه تأويل وقد أبطل الإمام أحمد إقرار التلجئة ونصه مكتوب عند مسألة الإقرار للزوجة إذا أبانها ثم تزوجها وقال في موضع آخر إن الأمر بإقرار باطل مثل أمر المريض أن يقر لوارث بما ليس بحق ليبطل به حق بقية الورثة فإن الأمر بذلك والشهادة عليه باطل.
    قوله: "وأما المروءة فاستعمال ما يجمله ويزينه وتجنب في يدنسه ويشينه إلى آخره".
    المروءة الإنسانية وقال ابن فارس الرجولية وقيل صاحب المروءة من يصون نفسه عن الأدناس ولا يشينها عند الناس وقيل هو الذي يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه قال أبو زيد يقال مرؤ الرجل أي صار ذا مروءة فهو مري على وزن فعل وتمرأ إذا تكلف المروءة.
    والرقاص الذي يعتاد الرقص ويقال رقص يرقص.
    والشطرنج قال الجواليقي فارسي معرب وهو بالشين المعجمة المفتوحة ومكسورة وحكى فيه بعضهم بالسين المهملة والمعروف في المذهب تحريم اللعب بالشطرنج.
    قال حرب قيل للإمام أحمد أترى بلعب الشطرنج بأسا قال البأس

    O متابعة المتن
    شهادة المصافع والمتمسخر والمغني والرقاص والمشعوذ ومن يلعب بالنرد أو الشطرنج.
    __________
    كله قيل فإن أهل الثغر يلعبون بها للحرب قال لا يجوز هكذا وجدت هذا النص.
    ونقل الشيخ تقي الدين من زاد المسافر لأبي بكر عن حرب قال قلت لأبي إسحاق أترى بلعب الشطرنج بأسا قال البأس كله قلت فإن أهل الثغر يلعبون بها للحرب قال هو فجور.
    وذكرها أبو حفص عن الإمام أحمد انتهى كلامه.
    وقال ابن عقيل وقد قال أبو بكر قياس قول الإمام أحمد ومعناه قول الشافعي بالشطرنج وأنه إذا لم يأخذ العوض لم ترد شهادته انتهى كلامه.
    وظاهره أنه لا ترد شهادة لاعب الشطرنج بها إذا لم يأخذ العوض.
    وقال في الرعاية وقيل يكره فتقبل شهادة من لم يكثر.
    فظهر من ذلك أنه لا يحرم في وجه وأن عليه هل تقبل شهادة من أكثر منه فيه وجهان.
    وعلى التحريم قال القاضي في موضع هو كالنرد في رد الشهادة وهو قول أبي حنيفة ومالك.
    وقال أيضا في موضع اللعب بالشطرنج وسماع الغناء بغير آلة نقول فيه ما نقول في شرب النبيذ وأنه إذا فعل ذلك متأولا لم ترد شهادته وقد أومأ إليه أبو بكر في كتاب الخلاف من الشهادات لأنه حكى قول الشافعي في سماع المغني واللعب بالشطرنج وقال قياس قول أبي عبد الله على مذهب الشافعي لأن التأويل يحتملها وكذا حكى في المغني قول أبي بكر إن فعله من يعتقد تحريمه فهو كالنرد وإن فعله من يعتقد إباحته لم ترد شهادته إلا أن يشغله عن الصلاة عند أوقاتها أو يخرجه إلى الحلف الكاذب أو نحوه من المحرمات أو

    O متابعة المتن
    أو الحمام أو يدخل الحمام بلا مئزر أو يأكل في السوق أو يمد رجليه في مجمع
    __________
    يعلب بها على الطريق أو يفعل في لعبة ما يستخف به من أجله ونحو هذا مما يخرجه عن المروءة وهذا مذهب الشافعي كسائر المختلف فيه انتهى كلامه.
    وكذا مثل غير واحد من الأصحاب بحكاية ما يضحك منه الناس ونارنجيات وتعزيم وأكله في طريق الناس يرونه وبوله في شارع ومشرعة وكشف رأسه أو بطنه أو صدره أو ظهره في موضع لم تجر عادته بكشفه فيه وخطاب زوجته أو أمته حيث يسمع الناس بلا عذر واستماع الغناء وكشف عورته في حمام أو غيره وتحريش البهائم والجوارح للصيد ودوام اللعب والمعالجة بشيل الأحجار الثقال والمقيرات والأخشاب وما عده الناس سفها وإسقاط مروءة وما فيه المخاطرة بالنفوس والثقاف.
    وقال في الرعاية ويستحب تأديب الخيل والثقاف واللعب بالحراب وسائر اللعب إذا لم يتضمن ضررا ولا شغلا عن فرض إذا لم يكن فيه دناءة ولا ترد به الشهادة.
    وقال ابن عقيل في الفنون مثل الأكل على الطريق ومد الرجلين بين الجلساء وكشف الرأس بين الملأ والقهقهة وقال في موضع آخر الأرجوحة والتعلق عليها والترجيح فيها مكروه نهى عنه السلف وقيل إنها لعبة الشيطان فلا تقبل شهادة المدمن لها وقال في موضع آخر وتكره الأراجيح وكل ما يسمى لعبا إلا ما كان إعانة على الحرب كاللعب بالحراب والأسلحة والرماية وقال في موضع آخر فأما حبس المطربات من الأطيار كالقمارى والبلابل لترنهما في الأقفاص فقد كرهه أصحابنا لأنه ليس من الحاجات لكنه من البطر والأشر ورقيق العيش وحبسها تعذيب فيحتمل أن ترد باستدامته الشهادة ويحتمل أن لا ترد لأن ذلك ليس من الأمور البعيدة عن المباح وقال أيضا في موضع آخر في هذه المسألة أفيحسن بعاقل أن يعذب حيا

    O متابعة المتن
    الناس أو يتحدث بمباضعة أهله ونحوه.
    __________
    لينوح فيستلذ بنياحته وقد منع من هذا أصحابنا وسموه سفها1.
    فإنما جازت شهادته لأن الإمام أحمد قد نص على أن القاضي إذا شهد بعد عزله على قضية أن شهادته تقبل فأولى أن تقبل شهادة القاسم وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف والأصطخري.
    قال القاضي دليلنا أن القاسم بغير أجر يتصرف من جهة الحكم فوجب أن يقبل قوله فيه دليله الحاكم يقبل قوله فيما يحكم به به في حال ولايته عندهم وعندنا يقبل في حالة الولاية وبعد الولاية ولا يلزم عليه إذا قسم بأجرة لأن تصرفه لا يكون من جهة الحكم لأنه أجير وشهادة الأجير لا تجوز فيما يستحق عليه الأجرة لأن لهما فيه منفعة وهو استحقاق الأجرة متى صحت القسمة وهذا معنى كلام أصحاب القاضي كأبي الخطاب والشريف.
    قال الشيخ تقي الدين والتعليل الأول يقتضي أن قول القاسم خبر لا شهادة كالحاكم والتعليل الثاني ضعيف لأنه يوجب أن لا تقبل شهادتهما بالقيمة والقدر لأنهما يستحقان عليه الأجرة ولأن الأمناء تقبل أقوالهم فيما يستحقون عليه أجرة كالوصي في العمل والإنفاق وذلك لأنهما تراضيا بأن يكون حكما بينهما يجعل كالحاكم لو أعطيناه جعلا على ما ذكره بعض أصحابنا وشبيه بهذا ما لو رضي الخصم بشهادة عدوه أو أبى خصمه ومن يتهم عليه أو رضي بقضائه وكذلك شهادة الظئر المستأجرة بالرضاع وشهادة القابلة بالولادة انتهى كلام الشيخ تقي الدين.
    وقال أيضا بناها القاضي على أن شهادة الإنسان على فعل نفسه تقبل
    __________
    1 سقط من الأصل ورقة أو أكثر.

    O متابعة المتن
    وأما أصحاب الصناعة الدنية عرفا كالحارس والحائك والنخال والصباغ والحجام والكساح والقمام والزبال والكناس والدباغ والنفاط ونحوهم فتقبل شهادتهم إذا عرف حسن طريقهم في دينهم.
    __________
    كالمرضعة ضعف مأخذهما من وافقه أنهما ليسا شهادة على فعل نفسه انتهى كلامه.
    وقال القاضي قال مالك والشافعي لا تجوز شهادتهما.
    قال الشيخ تقي الدين وكذلك قال القاضي في مسألة الحكم بالعلم في حكمه بعلمه سبب يوجب التهمة وهو أنه يثبت حكمه بقوله فهو كقاسمي الحاكم إذا شهدا بالقسمة لم يحكم بشهادتهما لأنهما أثبتا فعلهما بشهادتهما.
    وقوله: "وأما أصحاب الصناعة الدنيئة عرفا إلى آخره".
    فالنخال: الذي يغربل في الطريق على فلوس وغيرها والقمام الذي يجمع القمامة وهي الكناسة ويحملها والفعل منه قم يقم والجمع قمام والمقمة المكنسة وقممت البيت كنسته.
    قوله: "فتقبل شهادتهم إذا عرف حسن طريقتهم في دينهم".
    لأن للناس حاجة إلى ذلك فرد شهادة فاعله تمنع من تعاطيه ومن الأصحاب من ذكر المسألة على الوجهين ومنهم من ذكر فيها روايتين.
    ووجه عدم القبول أن تعاطي ذلك يتجنبه أهل المروءات وقطع في الكافي أن الحائك والدباغ والحارث تقبل شهادتهم لغيرهم.
    وقطع في المغني بأن الكساح والكناس لا تقبل شهادتهم لغيرهم وهو معنى ما روى عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما.
    قال في الرعاية بعد حكاية الخلاف وكذا الخلاف في النخاس والدباب والوقاد والصائغ.

    O متابعة المتن
    ولا يقبل مستور الحال منهم وإن قبلناه من غيرهم.
    __________
    قال ابن حمدان وكذا الجصاص والطفيلي والقيم والمصارع والمصور والمكاري والحمال والجزار ومن لبس من الرجال زي النساء أو زي أهل الذمة أو غير زي بلده الذي يسكنه أو غير الزي المعتاد بلا عذر أو أكثر الضحك والاستهزاء بالناس وكلامهم وإطراحهم ومناكدتهم.
    وقال في المغني فأما سائر الصناعات التي لا دناءة فيها فلا لا ترد الشهادة إلا من كان منهم يحلف كاذبا أو يعد ويخلف وغلب هذا عليه فلا شك أن شهادته ترد وكذلك من كان يؤخر الصلاة عن أوقاتها أولا يتنزه عن النجاسات فلا شهادة له ومن كانت صناعته محرمة كصانع الزمامير والطنابير فلا شهادة له ومن كانت صناعته يكثر فيها الربا كالصائغ والصيرفي ولم يتق ذلك ردت شهادته.
    قال ولا تقبل شهادة الطفيلي وهو الذي يأتي طعام الناس من غير دعوى وبه قال الشافعي ولا نعلم فيه خلافا قال لأنه يأكل محرما ويفعل ما فيه سفه ودناءة وذهاب مروءة فإن لم يتكرر هذا منه لم ترد شهادته فإنه من الصغائر.
    وقال الأزجي الحنبلي في نهاية المطلب له والصناعات تنقسم إلى مباح وهي مالا دين فيه ككتابة وبناء وخياطة وإلى حرام كتصوير ونحوه وإلى مكروه وهو ما يباشر فيه النجاسة كحجام وجزار.
    قال وهل يدخل الفاصد في هذه الكراهة الظاهر أنه يلتحق بذلك وكذلك الختان بل أولى لكونه يباشر العورات وعلى هذا يكره كل كسب

    O متابعة المتن
    ولا تقبل شهادة الكفار إلا بالوصية في السفر ممن حضره الموت من مسلم أو كافر إذا لم يوجد غيرهم.
    __________
    دنيء كدباغ وسماك وقيم وحلاق وقد قيل إن الحمامي يلتحق بهؤلاء والصحيح أنه لا يلتحق بهم انتهى كلامه.
    وذكره السماك في هؤلاء فيه نظر وصرح ابن عقيل في الفنون أنه لا تقبل شهادة الخياط وفي ذكره الخياط نظر.
    قوله: "إلا بالوصية في السفر ممن حضره الموت من مسلم أو كافر إذا لم يوجد غيرهم".
    كذا ذكره الأصحاب تصريحا وظاهرا قال القاضي نص عليه في رواية عبد الله فقال قال الله تعالى: [282:2] {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وليس ممن يرضى وقال تعالى: [95:5] {ذَوَا عَدْلٍ} وليسوا بعدول.
    فظاهر الآية يدل على أن لا شهادة لهم في المواضع التي أجازها أبو موسى الأشعري في السفر في الوصية.
    وكذلك نقل المروزي فقال الآية تدل على ذلك فيقسمان بالله ثم أقبل شهادتهم إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم وهذه ضرورة.
    قال الشيخ تقي الدين وهل تعتبر عدالة الكافرين في الوصية في دينهما عموم كلام الأصحاب يقتضي أنه لا يعتبر وإن كنا إذا قبلنا شهادة بعضهم على بعض اعتبرنا عدالتهم في دينهم.
    وصرح القاضي بأن العدالة غير معتبرة في هذه الحال والقرائن تدل عليه وكذلك الآثار المرفوعة والموقوفة.
    وأما المسلمون فصرح القاضي أنه لا تقبل شهادة فساق المسلمين في هذه الحال جعله محل وفاق واعتذر عنه انتهى كلامه.

    O متابعة المتن
    وفي اعتبار كونهم من أهل الكتاب روايتان ويحلفهم الحاكم بعد العصر ما خانوا ولا حرفوا وإنها لوصية الرجل.
    __________
    وسيأتي في ذكر مسألة ومالا يطلع عليه الرجال كعيوب النساء من كلامه ما يخالفه وقال أكثر العلماء منهم الأئمة الثلاثة لا تقبل شهادتهم على المسلمين بحال ولم أجد بهذا قولا في مذهبنا.
    وقد قال الإمام أحمد في رواية حرب وغيره لا تجوز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض ولا على غيرهم لأن الله تعالى يقول: [282:2] {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وليسوا ممن نرضى وظاهره كقول الأئمة الثلاثة إلا أنه صرح بخلافه في غير موضع.
    قوله: "وفي اعتبار كونهم من أهل الكتاب روايتان".
    إحداهما يعتبر قطع به في المستوعب والكافي وغيرهما لأن الأصل عدم قبول خولف في أهل الكتاب لأن الأخبار المروية في ذلك إنما هي في أهل الكتاب فيقتصر عليها.
    والثانية لا يعتبر قدمه في الرعاية وهو ظاهر كلام جماعة في ظاهر قوله تعالى: [106:5] {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} .
    فعلى الأولى هل يعتبر كونهم من أهل الذمة ظاهر كلامه في المستوعب والمغني وابن هبيرة وغيرهم كلام أنه يعتبر وظاهر كلامه في الكافي وغيره أنه لا يعتبر وقدمه في الرعاية فهذا وجهان على هذه الرواية وقطع بعضهم بأنه يعتبر أن يكونوا رجالا ولم أجد ما يخالفه صريحا.
    قوله ويحلفهم الحاكم بعد العصر ما خانوا ولا حرفوا وإنها لوصية الرجل للآية وتصريح خبر أبي موسى.
    قال ابن قتيبة لأنه وقت يعظمه أهل الأديان.
    قال الشيخ تقي الدين هذا يناسب الشهادة والأمانة على المال ما خانوا في الأمانة ولا حرفوا الشهادة انتهى كلامه.
    قال في الرعاية يجب ذلك وقيل يستحب قال القاضي في ضمن مسألة تغليظ اليمين في الدعاوي يحمل الاستحلاف في الآية عليه إذا رآه الإمام أزجر للحالف يعني كاستحلاف الخصم.
    وقال القاضي في احكام القرآن يستحلف الشهود بعد صلاة العصر إذا كانوا من غير أهل ملتنا إذا اتهمهم الورثة في الشهادة لأنه قال: [106:5] {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} ولو كان الموصي المشهود له من ذوي قربى الشهود {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} فيما أوصى به الميت وأشهدهما عليه ولذلك قال فيما بعد: [108:5] {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} يعني أيمان الشهود عند ارتياب الورثة.
    قال الشيخ تقي الدين وهذا يقتضي أن استحلاف الشهود حق للمشهود عليه فإن شاء حلفهم وإن شاء لم يحلفهم ليست حقا لله وهو ظاهر القرآن.
    فصل
    لو حكم حاكم بخلاف قولنا في هذه المسألة فهل ينقض حكمه.
    احتج به في المغني بالآية الكريمة ثم قال وهذا نص الكتاب وقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه انتهى كلامه.
    وقد عرف من مذهبنا أن حكم الحاكم ينقض إذا خالف نص كتاب أو سنة.
    وهذا يوافق ما قاله في الروضة "أن النص إذا تطرق إليه الاحتمال ولا دليل عليه لا يخرجه عن كونه نصا".
    قال الشيخ تقي الدين يتوجه أن ينقض حكم الحاكم إذا حكم بخلاف هذه الآية فإنه خالف نص الكتاب بتأويلات غير متجهة انتهى كلامه.
    وهذه المسألة قد يعايى بها يقال أين لنا مفردة لا يتحقق فيها خلاف عندنا لو حكم حاكم بخلاف قولنا فيها نقض حكمه.
    ● فصل
    المذهب أنه لا تقبل شهادة الكافر في غير الوصية في السفر وسيأتي الكلام في شهادة بعضهم على بعض وقال أبو حفص البرمكي تقبل شهادة السبي بعضهم على بعض في النسب إذا ادعى الآخر أنه أخوه.
    قال ابن عقيل ولا أعرفه التعليل يجب أن يكون تصحيحا لشهادة بعضهم على بعض في الجملة.
    وقال القاضي أبو الحسين في التمام لا تختلف الرواية إذا سبى قوم ثم عتقوا فادعوا أنسابهم لم يقبل إقرارهم حتى يقيموا البينة واختلفت الرواية هل من شرط البينة أن يكونوا من المسلمين؟ على روايتين.
    أصحهما لا تسمع إلا من مسلم وبه قال الشافعي والثانية تسمع من الكافر.
    وجه الأولى اختارها الخرقي ما روى الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى شريح أن لا تورث حميلا حتى تقوم بينة من المسلمين والحميل المجهول من النسب على غيره وقد جاء عن العرب حميل بمعنى محمول.
    ووجه الثانية أنه يتعذر إقامة المسلمين فأشبه الوصية في السفر تقبل فيها شهادة أهل الذمة لتعذر المسلمين هناك انتهى كلامه.
    وقد ذكر القاضي أبو يعلى هذه المسألة فقال وقد قال الإمام أحمد في السبي إذا ادعوا نسبا وأقاموا بينة من الكفار قبلت شهادتهم نص عليه في رواية حنبل وصالح وإسحاق بن إبراهيم لأنه قد تتعذر البينة العادلة ولم يجز ذلك في رواية عبد الله وأبي طالب لأنه لا نص في ذلك.
    قال الشيخ تقي الدين فعلى هذا كل موضع ضرورة غير المنصوص فيه روايتان لكن التحليف هنا لم يتعرضوا له فيمكن أن يقال لأنه إنما يحلف حيث تكون شهادتهم بدلا في التحميل بخلاف ما إذا كانوا أصولا قد علموا من غير تحميل.
    وقال أيضا نقل ابن صدقة عن الإمام أحمد سئل الإمام أحمد عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق ولا يحضر إلا النساء هل تجوز شهادتهن قال نعم تجوز شهادتهن في الحقوق ذكرها القاضي مستشهدا بقبول الشهادة حال الضرورة.
    وظاهر هذه أنه تقبل شهادة النساء منفردات في الوصية مطلقا كما تقبل شهادة الكفار وهذا يؤيد ما ذكرته يعني ما تقدم من أنها تقبل في السفر والحضر إذا لم يكن ثم مسلم.
    وفي موضع آخر قال يعني القاضي نقلت من خط أبي حفص عن سندى1 القزاز قال وسئل عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق ولا يحضره إلا النساء هل يجوز شهادتهن في الحقوق يحتمل أنها تقبل مع يمين الموصى له كأحد الزوجين.
    ويتوجه أن يكون ذلك فيما ليس له منكر فإن الشهادة على الميت ليست كالشهادة على الحي فإنه إما أن يقر أو يجحد فإن جحد كل جحده معارضا لأحدهما وسلم الآخر بخلاف مالا معارض له ولهذا قلنا إن الإمام لا يرجع حتى يسبح به اثنان في الصلاة وهذا فرق معنوي.
    وقال أيضا قول الإمام أحمد أقبل شهادتهم إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم هذه ضرورة فيقتضي عمومه أنها لا تقبل في السفر على كل شيء عند عدم
    __________
    1 بهامش الأصل: في نسخة عن حبيب القزاز.

    O متابعة المتن
    المسلمين فتقبل على الإقرار وعلى نفس الموت لأجل انتقال الإرث وزوال النكاح وعلى القتال وعلى غير ذلك وهذا هو القياس الجلي فإنها إذا قبلت على الوصية فلأن تقبل على الموت أولى وأحرى وليس في الوصية معنى إلا وقد يوجد في غيرها مثله أو أقوى أو قريب ولذلك قلنا شهادتهم في إحدى الروايتين بالنسب والولادة في مسألة الحميل إذ ليس هناك من يعلم النسب من المسلمين.
    قال وقوله: "هذه ضرورة" يقتضى هذا التعليل قبولها في كل ضرورة حضرا وسفرا وعلى هذا فشهادة بعضهم على بعض ضرورة فلو قيل إنهم يحلفون في شهادة بعضهم على بعض كما يحلفون في شهادتهم على المسلمين وأصحابهم في وصية السفر لكان متوجها ولو قيل بقبول شهادتهم مع أيمانهم في كل شيء عدم فيه المسلمون لكان له وجه وتكون شهادتهم بدلا مطلقا يؤيد ما ذكرته ما ذكره القاضي وغيره محتجا به وهو في الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد "أن رجلا من المسلمين خرج فمر بقرية فمرض ومعه رجلان من المسلمين فدفع إليهما ماله ثم قال ادعوا لي من أشهده على ما قبضتماه فلم يجدوا أحدا من المسلمين في تلك القرية فدعوا أناسا من اليهود والنصارى فأشهدهم على ما دفع إليهما وذكر القصة فانطلقوا إلى ابن مسعود فأمر اليهود أن يحلفوا بالله لقد ترك من المال كذا ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين ثم أمر أهل المتوفى أن يحلفوا أن شهادة اليهود والنصارى حق فحلفوا فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهدت به اليهود والنصارى وكان ذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه".
    قال أبو العباس فهذه شهادة الميت على وصيته قد قضى بها ابن مسعود مع يمين الورثة لأنهم المدعون والشهادة على الميت لا تفتقر إلى يمين الورثة.
    ولعل ابن مسعود أخذ هذا من جهة أن الورثة يستحقون بأيمانهم على الشاهدين إذا استحقا إثما فلذلك يستحقون على الوصيين بشهادة الذميين بطريق الأولى وهذا يؤيد ما ذكرته باطنها انتهى كلامه يعني باطن الورقة وسيأتي ذلك.
    فظهر من مجموع ذلك أنه هل تقبل شهادة الكفار في غير الوصية في السفر في كل شيء عند عدم المسلمين حضرا وسفرا أو لا تقبل في غير الوصية في السفر أو تقبل ضرورة في السفر خاصة أو تقبل في مسألة الحميل خاصة أربع روايات.
    وإذا قبلت شهادتهم فهل يحلفون فيه تفصيل سبق وقد قال ابن حزم اتفقوا على أنه لا يقبل مشرك على مسلم في غير الوصية في السفر.
    ● فصل
    قال الشيخ تقي الدين سنح لي في الآية[118:5-106] أن ورثة السهمي1 لما ادعوا الجام المفضض والمخوص فأنكر الوصيان الشاهدان أنه كان هناك جام على ظهر الجام المدعي وذكر مشتريه أنه كان اشتراه من الوصيين صار هذا لوثا يقوي دعوى المدعيين فإذا حلف الأوليان أن الجام كان لصاحبهم صدقا في ذلك وهذا لوث في الأموال نظير اللوث في الدماء لكن هناك ردت اليمين على المدعي بعد أن حلف المدعى عليه فصارت يمين المطلوب وجودها كعدمه كما أنه في الدم لا يستحلف ابتداء وفي كلا الموضعين يعطى المدعي بدعواه مع يمينه وإن كان المطلوب حالفا أو باذلا للحالف وفي استحلاف الله للأوليين دليل على مثل ذلك في الدم حتى تصير يمين الأوليين مقابلة ليمين المطلوبين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما "حلفا أن الجام لصاحبهم" وفي حديث عكرمة "ادعيا أنهما اشترياه منه فحلف الأوليان على
    __________
    1 اسمه بديل بن أبي مريم.
    أنهما ما كتما ولا غيبا" وهي أشياء فكان في هذه الرواية أنه لما كذبهما بأنه لم يكن له جام ردت الأيمان على المدعيين في جميع ما ادعوه.
    فجنس هذا الباب أن المطلوب إذا حلف ثم ظهر كذبه هل يقضي للمدعى بيمينه فيما يدعيه لأن اليمين مشروعة في جانب الأقوى فإذا ظهر صدق المدعي في البعض وكذب المطلوب قوى جانب المدعي فحلف كما يحلف مع شاهد واحد وكما يحلف صاحب اليد العرفية مقدما على اليد الحسية.
    قال وقال القاضي في أحكام القرآن قوله تعالى [107:5] {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} يعني ظهور شيء من مال الميت في يد الوصي لم يشهدا به {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} يعني في اليمين لأن الوصي يحصل مدعيا والورثة ينكرونه فصارت اليمين عليهم وعسي أنه لو لم يكن للميت إلا وارثان فكانا يدعيا عليها لأن هذه الآية وردت على سبب معين فيحتمل أن يكون الورثة اثنان.
    وقال في مسألة القضاء بالنكول هذه الآية وردت في شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا شهدوا على الميت وحلف الشهود إذا كانوا من أهل الذمة ثم ظهر في يد الوصي شيء من مال الميت لم يشهد به الشهود فإن للورثة أن يحلفوا أنه لم يوص به لأنهم منكرون لدعوى الوصي أنه موصى له فيكون قوله تعالى: [108:5] {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} يعني أيمان الورثة فيما ظهر أنه لم يكن موصى به بعد أيمان الشهود أنه كان موصى به.
    قال الشيخ تقي الدين كيف بعد أيمان الشهود أنه كان موصى به وقد قال لم يشهد به الشهود لكن كأنه قصد بعد أيمان الشهود فيما شهدوا أنه موصى به وهذا المعنى ضعيف لأن رد اليمين بهذا الاعتبار لأوصيتم1 على
    __________
    1 كذا في الأصل.
    به حتى يحلفوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم اللهم إلا أن يقال هذا يحملهم على أن يشهدوا بجميع ما قبضه الوصي ولا يكتموا الشهادة ببعض ما قبضه لئلا ترد لكن الشهادة عليه بالقبض ليست شهادة على الميت وهل حكمها حكمها قد بينته في غير هذا الموضع.
    وقال يعني القاضي من يقول يرد اليمين على المدعي إذا نكل المطلوب يقول معنى الآية أقر برد أيمان عند عدم أيمانهم.
    وقال الشيخ تقي الدين وقد ذكر المالكية مسألة يحكم فيها بيمين المدعيين على أحد القولين وهو ما إذا غار قوم على بيت رجل فأخذوا ما فيه والناس ينظرون إليهم ولم يشهدوا على معاينة ما أخذوه ولكن على أنهم أغاروا وانتبهوا فقال ابن القاسم وابن الماجشون القول قول المنتهب مع يمينه لأن مالكا قال في منتهب الصرة يختلفان في عددها القول قول المنتهب مع يمينه وقال مطرف وابن كنانة وابن حبيب القول قول المنتهب منه مع يمينه فيما يشبه ويحمل على الظالم قال مطرف ومن أخذ من المغيرين ضمن ما أخذه رفاقه لأن بعضهم عون لبعض كالسراق المحاربين ولو أخذوا جميعا وهم أملياء كل واحد منهم ما ينوبه وقال ابن الماجشون وأصبغ في الضمان قالوا والمغيرون كالمحاربين إذا شهروا السلاح على وجه المكابرة كان ذلك على أصل ما مره بينهم1 أو على وجه الفساد وكذلك والى البلد يغير على أهل ولايته وينهب ظلما مثل ذلك في المغيرين.
    قال الشيخ تقي الدين المحاربون قصدهم المال مطلقا والمغيرون قصدهم من قوم بأعيانهم.
    قال ابن القاسم ولو ثبت أن رجلين غصبا عبدا ففات فله به أخذ قيمته من المليء ويتبع المليء ذمة رفيقه المعدم بما ينوبه انتهى كلامه.
    __________
    1 كذا في الأصل.

    O متابعة المتن
    وعنه تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض.
    __________
    ● فصل
    قال القاضي لا يحلف الشاهد على أصلنا إلا في موضعين هنا وفي شهادة المرأة بالرضاع.
    قال الشيخ تقي الدين هذان الموضعان قبل فيهما الكافر والمرأة وحدها للضرورة فقياسه أن كل من قبلت شهادته للضرورة استحلف.
    قوله: "وعنه تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض".
    نقل الجماعة المروذي وأبو داود وحرب والميموني لا تجوز شهادة بعضهم على بعض ولا على غيرهم لأن الله تعالى قال: [282:2] {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وليس الذمي ممن نرضى وبه قال مالك والشافعي.
    قال القاضي ونقل حنبل عنه تجوز شهادة بعضهم على بعض.
    واختلف أصحابنا في ذلك فقال أبو بكر الخلال وصاحبه غلط حنبل فيما نقل والمذهب أنه لا تقبل.
    وكان شيخنا1 يحمل المسألة على روايتين إحداهما تجوز شهادة بعضهم على بعض على ظاهر ما رواه حنبل والثانية لا تجوز وهو الصحيح انتهى كلامه.
    قال أبو الخطاب وقال ابن حامد وشيخنا المسألة على روايتين قال وهو الصحيح فإن حنبلا ثقة ضابط وروايته أقوى في باب القياس ويعضد هذا أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أجاز شهادتهم على المسلمين في الوصية في السفر فلولا كونهم أهلا للشهادة لما جازت ونصر أبو الخطاب هذه الرواية وهي قول أبي حنيفة وجماعة.
    __________
    1 لعله يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. لأنه شيخ ابن مفلح
    قال الشيخ تقي الدين وهي إن شاء الله أصح انتهى كلامه وقد روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة بعضهم على بعض رواه ابن ماجة وغيره من رواية مجالد وهو ضعيف عند الأكثر ويحتمل أنه أراد اليمين فإنها تسمى شهادة قال الله تعالى: [6:24] {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} .
    وقال الشيخ تقي الدين وهذا الخلاف على أصلنا إنما هو حيث لا نجيز شهادتهم على المسلمين فأما إذا أجزنا شهادتهم على المسلمين فعلى أنفسهم أولى كما ذكره الجد في الوصية في السفر وقد ذكر في قبول شهادتهم في كل ضرورة غير الوصية روايتين كالشهادة على الأنساب التي بينهم في دار الحرب فعلى هذه الرواية تقبل شهادة بعضهم على بعض في كل موضع ضرورة كما تقبل على المسلمين وأولى بنفي التحليف وضرورة شهادة بعضهم على بعض أكثر من ضرورة المسلمين فيقرب الأمر انتهى كلامه وقد تقدمت هذه الرواية التي ذكرها.
    وأما على الرواية التي تقبل شهادة بعضهم على بعض فتقبل مطلقا بعضهم تصريحا وبعضهم ظاهرا لما في تكليفهم إشهاد المسلمين من الحرج والمشقة وعلى هذه الرواية لا يختلف.
    وتقدم كلام الشيخ تقي الدين فتارة مال إليه مطلقا وتارة فصل وعلى هذه الرواية تعتبر عدالته في دينه صرح به القاضي وأبو الخطاب وغيرهما ولم أجد ما يخالفه صريحا.
    ● فصل
    ترجم القاضي وغيره المسألة بقبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض.
    وترجم أبو الخطاب وغيره المسألة بقبول شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض وقال في أثناء بحث المسألة فأما الحربي فلا تقبل شهادته على أهل ذمتنا.

    O متابعة المتن
    وفي اعتبار اتحاد الملة وجهان والأول المذهب.
    ولا تقبل شهادة الصبيان بحال.
    __________
    لعلوه على ذمة الإسلام ولانقطاع الولاية بينه وبين أهل الذمة فأما شهادته على حربي مثله فتقبل.
    فظهر من ذلك أنه هل تقبل شهادة المستأمن والحربي أولا أو تقبل على مثله خاصة فيه ثلاثة أقوال وأنه هل تقبل شهادة الذمي على المستأمن والحربي فيه قولان.
    قوله: "وفي اعتبار اتحاد الملة وجهان".
    ذكر أبو الخطاب وغيره ما معناه أنه إنما لم تقبل شهادتهم على المسلمين لأنهم يعادونهم بالباطل وشهادة العدو لا تقبل ولا يلزمنا شهادة اليهود على النصارى فإنا لا نقبلها إذا قلنا الكفر ملل وهو رواية لنا وبه قال قتادة والزهري وابن أبي ليلى وأبو عبيدة وإسحاق.
    وإذا قلنا الكفر ملة واحدة وهي رواية لنا قبلناها وهو قول أبي حنيفة وبينهم عداوة ظاهرة وهي عداوة بباطل ويجوز أن يقال بل وعدواتهم بحق لأن اليهود تنكر على النصارى قولهم المسيح ابن الله وهو إنكار بحق والنصارى تنكر على اليهود جحد نبوة عيسى وقولهم عزيز ابن الله وهو إنكار بحق فقبلت شهادتهم كشهادة المسلمين عليهم.
    قوله: "ولا تقبل شهادة الصبيان بحال".
    هذا هو المذهب وذكر جماعة أنه أصح الروايات منهم القاضي وقال نقل ذلك الميموني وحرب وابن منصور فقال لا تجوز شهادة الصبي حتى يحتلم أو يتم له خمسة عشر سنة وهو اختيار الخرقي وأبي بكر انتهى كلامه واختاره غيرهما من الأصحاب وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي.

    O متابعة المتن
    وعنه تقبل من المميزين إذا وجدت فيهم بقية الشروط وعنه لا تقبل إلا في الجراح إذا أدوها قبل تفرقهم عن الحال التي تجارحوا عليها.
    __________
    قوله: "وعنه تقبل من المميزين إذا وجدت فيهم بقية الشروط".
    قال القاضي وفي رواية أخرى تجوز شهادته في الجملة إذا كان مميزا وهو ظاهر ما رواه ابن إبراهيم وسئل هل تجوز شهادة الغلام قال إذا كان ابن عشر سنين أو اثنى عشرة سنة وأقام شهادته جازت شهادته انتهى كلامه.
    وهذا النص إنما يدل لما ذكره بعض الأصحاب من أنه تقبل شهادة ابن عشر لأنه يضرب على الصلاة أشبه البالغ ولم أجد ما ذكره المصنف نصا عن الإمام أحمد ووجهه أنه مأمور بالصلاة أشبه البالغ وقد يقال إذا وجدت فيه بقية الشروط يدخل في قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} قال ابن حامد تقبل على هذه الرواية في غير الحدود والقصاص كالعبد.
    قوله: "وعنه لا تقبل إلا في الجراح إذا أدوها قبل تفريقهم عن الحال التي تجارحوا عليها".
    لأن الظاهر صدقهم وضبطهم وإذا تفرقوا احتمل أن تلغو.
    قال القاضي وفيه رواية أخرى تجوز شهادتهم في الجراح والقتل إذا جاءوا مجتمعين على الحال التي تجارحوا عليها أو يشهد على شهادتهم قبل أن يتفرقوا ولا يلتفت بعد ذلك إلى رجوعهم فأما إن تفرقوا ثم شهدوا بها لم تقبل وهذا ظاهر ما نقله حنبل عنه تجوز شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح فإذا كانوا في المالا1 بأنهم عقلوا.
    __________
    1 كذا في الأصل غير منقوطة ولعلها "تثبتنا شهادتهم إذا عقلوا" أو نحو هذا.
    قال القاضي فقد أطلق القول بجوازها في الجراح لكنه محمول على التفصيل الذي ذكرناه لأنه صار في ذلك إلى قول على وهو على ذلك الوجه وذكر القاضي أن هذا قول مالك ومن الأصحاب من جمع ذلك وذكر روايتين.
    قال القاضي بعد كلامه المذكور وقد ذكر أبو بكر هذه الرواية على التفصيل الذي ذكرنا في تعاليق أبي إسحاق فقال روى عن علي رضي الله عنه قال شهادة الصبيان بعضهم على بعض تجوز ما كانوا في الموضع فإذا تفرقوا لم تقبل قال أحمد ابن حنبل كذلك وزاد فإذا تفرقوا لم تقبل لأنه يمكن أن يجيبوا انتهى كلامه وليس ما ذكره موافق لما ذكره القاضي وإنما هو رواية أخرى بقبول شهادتهم بعضهم على بعض في كل شيء ما كانوا في الموضع فإذا تفرقوا لم تقبل.
    قال الإمام أحمد في رواية المروزي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن قتادة عن خلاس أن عليا قال شهادة الصبيان على الصبيان جائزة وذكره في المغني عن علي وعن جماعة وهو قول في الرعاية فقال وقيل تقبل على مثله وعن أحمد ما يدل عليه قال عبد الله سألت أبي عن شهادة الصبيان فقال علي أجاز شهادة الصبيان الذين عرفوا بعضهم على بعض وروى سعيد حدثنا هاشم عن مغيرة عن إبراهيم قال "كانوا يجيزون شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما كان بينهم" فهذه ثمانية أقوال في المذهب إن لم يكن رواية عن الإمام أحمد وسيأتي في الفصل بعد هذا حكاية القاضي أن شهادتهم بالمال لا تقبل.
    ● فصل
    قال الشيخ تقي الدين وذكر القاضي أنه لا يقبل إقراره وفاقا قال وهذا عندي عجيب واعتذروا عنه بأن إقراره لا يكون إلا بالمال إما عليه وإما

    O متابعة المتن
    ولا تقبل شهادة الأخرس بالإشارة نص عليه.
    __________
    على غيره قال وذكر عنهم أن الخلاف في الشهادة على الجراح الموجب للقصاص فأما الشهادة بالمال فلا تقبل قال الشيخ تقي الدين وهذا أيضا عجيب فإن الصبيان لا قود بينهم وإنما الشهادة بما يوجب المال وما أظن إلا أنهم أسقطوا الإقرار لأن العاقلة لا تحمل الاعتراف بخلاف المشهود به ولا تقبل في إتلاف بعضهم ثياب بعض وهل تقبل شهادة الصبيان على المعلم ذكرابن القصار فيه خلافا بين أصحابه انتهى كلامه.
    وذكر في المغني أن إقرار الصبي لا يصح بغير خلاف نعلمه واحتج بقوله عليه الصلاة والسلام."رفع القلم عن ثلاث فذكر منهم الصبي حتى يبلغ" ولأنه التزام حق بالقول فلم يصح منهم كالبلغ وما ذكره القاضي من أن الخلاف عنهم في الشهادة على الجراح الموجب للقصاص فأما الشهادة بالمال فلا تقبل تقدم أنا قبلنا شهادتهم وقال ابن حامد في غير الحدود والقصاص كالعبد.
    وما ذكره من أنها لا تقبل في إتلاف بعضهم ثياب بعض هذا ينبغي أن يكون على رواية حنبل لا تقبل إلا في الجراح أما على غيرها من روايات القبول فتقبل وحكاية ابن القصار الخلاف في قبول شهادتهم على المعلم يدخل في الأقوال السابقة القبول وعدمه والمذهب عدم القبول مطقا كما تقدم.
    قوله: "ولا تقبل شهادة الأخرس بالإشارة نص عليه".
    فقال في رواية حرب من كان أخرس فهو أصم لا تجوز شهادته وهذا هو المذهب المنصور وبهذا قال أبو حنيفة وحكاه القاضي وغيره عن الشافعي لأنها محتملة والشهادة يعتبر فيها اليقين فلم تقبل كإشارة الناطق وإنما قبلت في أحكامه المختصة به كالطلاق والعتق والنكاح والبيع واللعان واليمين للضرورة

    O متابعة المتن
    وتوقف فيما إذا أداها بخطه واختار أبو بكر أن لا تقبل وعندي أنها تقبل.
    وقيل تقبل بالإشارة ممن فهمت منه فيما طريقة الرؤية وقد أومأ إليه أيضا.
    وتجوز شهادة الأصم في المرئيات وبما سمعه قبل صممه.
    __________
    وهي هنا معدومة وهي أن تلك الأشياء لا تستفاد إلا من جهته بخلاف الشهادة وقال القاضي وقد قيل إن تلك الأشياء ينبنى أمرها على غالب الظن دون الشهادة.
    قوله: "وتوقف فيما إذا أداها بخطه واختار أبو بكر أن لا تقبل وعندي أنها تقبل".
    قيل للإمام أحمد في رواية حرب فإن كتبها فقال لم يبلغني فيه شيء قال أبو بكر عبد العزيز لا يعمل على الكتاب والشهادة لا تجوز على من لا يعرف.
    وكأن وجه قول أبي بكر وصاحب المحرر الاختلاف في الكتابة هل هي صريحة حتى لو كتب طلاق امرأته ولم ينو فيه قولان.
    قوله: "وقيل تقبل بالإشارة الخ".
    هذا قول مالك لأنها أقيمت مقام نطقه في أحكامه فكذا في شهادته وحكاه في المغني عن الشافعي وهذا أحد الوجهين في مذهبه والأصح فيه عدم القبول.
    قوله: "وتجوز شهادة الأصم في المرئيات وفيما سمعه قبل صححه".
    لأنه في ذلك كمن لا صمم به ولأنه فيما رآه كغيره من الناس وقال الشيخ تقي الدين قال القاضي في مسألة الأعمى العمى فقد حاسة لا تمنع النظر1
    __________
    1 كذا بالأصل. ولعله "تمنع النظر ولا تمنع السمع"

    O متابعة المتن
    وتجوز شهادة الأعمى في المسموعات.
    __________
    والسمع فلم تمنع من تحمل الشهادة كفقد الشم والذوق ولا يلزم عليه الخرس لأنه يمنع النطق ولا يلزم عليه الصمم لأنه يمنع السمع ولذلك قال بعد ذلك لا ينتقض بالأخرس وبالأطرش ثم قال الأصم لا يجوز قضاؤه ويصح أداء الشهادة منه ذكره محل وفاق.
    قوله: "وتجوز شهادة الأعمى في المسموعات".
    يجوز للأعمى تحمل الشهادة فيما طريقه الصوت كالنسب والموت والملك المطلق والوقف والعتق والولاء وسائر العقود كالنكاح والبيع والصلح والإجارة والإقرار نص عليه في رواية مهنا فقال تجوز شهادة الأعمى في نسب الرجل إذا عرف أنه فلان وتجوز في النكاح شهادة مكفوفين ولا تجوز شهادة أعمى في الزنا ولذلك نقل الأثرم عنه قال إذا كان شيئا يضبطه مثله في النسب وما أشبهه ودار قد عرف حدودها قبل عماه فإن كان أعمى لم يزل فعلى ما يشبه أن يقوم به مثله ذكره القاضي وهو معنى كلام غيره وهو قول مالك وابن المنذر وروى عن علي وابن عباس قال أحمد في رواية مهنا قد أجاز على شهادة أعمى يروى من حديث أبي عوانة عن الأسود بن قيس أن عليا "أجاز شهادة أعمى" واحتج في الرواية محمد بن الحكم بالذين سمعوا من عوانة مثل الأسود وغيره وهذا أعظم لأنه يؤخذ به ويعمل به ويحكم لأنه يحصل له العلم بذلك وتجوز روايته بالسماع واستماعه لزوجته فجازت شهادته كالبصير وهذا بخلاف ما طريقه الرؤية لأنه لا رؤية له وقال أبو حنيفة لا تقبل في شيء أصلا مع تسليمه أن النكاح ينعقد بشهادة أعميين قال الإمام أحمد في رواية مهنا شهد قتادة عند إياس بن معاوية وهو أعمى فرد شهادته وقال الشافعي تقبل في ثلاث مواضع أحدها ما طريقه الاستفاضة كالنسب

    O متابعة المتن
    وبما رآه قبل عماه إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه فإن لم يعرفه إلا بعينه فوصفه فوجهان.
    __________
    والموت والنكاح ونحوه والثاني الضبط وهو أن يتعلق بإنسان فيسمع إقراره فيجوز أن يشهد عليه الثالث في الترجمة.
    قوله وبما رآه قبل عماه إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه.
    وبه قال الشافعي لما تقدم ولحدوث الصمم وروى الخلال عن إسماعيل بن سعيد سألت الإمام أحمد عن شهادة الأعمى فيما قد عرفه قبل أن يعمى فقال جائز في كل ما ظنه مثل النسب ولا تجوز في الحدود وقال أبو حنيفة لا تجوز أصلا وذكر أحمد عن أصحاب أبي حنيفة الجواز في هذه المسألة.
    قوله: "فإن لم يعرفه إلا بعينه فوصفه فوجهان".
    من الأصحاب من يعيد هذا إلى المسألة الأخيرة قال القاضي فإن تحمل الشهادة على الأفعال ثم آداها وهو أعمى جاز سواء كان على الاسم والنسب أو على الأعيان دون الاسم والنسب على ظاهر ما رواه الأثرم عنه.
    وقوله: "إذا كان شيئا يضبطه وقد عرفه قبل عماه".
    قال وقال أصحاب الشافعي إن كان قد تحملها على الاسم والنسب جاز وجها واحدا وإن كان على الأعيان فعلى وجهين.
    وقال بعض أصحابنا بعد أن ذكر هذين الوجهين وكذا قيل إن عرفه بصوته فوصفه للحاكم بما يميزه فيه الوجهان ووجه الجواز عموم ما تقدم ووجه عدمه أن هذا مما لا ينضبط غالبا.
    ● فصل
    فأما الشهادة على الأفعال فلا تجوز ذكره القاضي محل وفاق واعتذر
    بأن الأفعال طريقها المشاهدة وذلك لا يمكن حصوله من الأعمى وكذلك ذكره غير القاضي.
    قال الشيخ تقي الدين ما علمه بالاستفاضة كالولادة شهد به على قول الخرقي انتهى كلامه وهو معنى كلام القاضي والشيخ موفق الدين وغيرهما لأنه فيما علم بالاستفاضة كالبصير.
    ● فصل
    قال الشيخ تقي الدين بعد مسألة شهادة الأعمى كذلك إذا تعذر وجود1 المشهود عليه بموت أو غيبة أو حبس فشهد البصير على حليته إذ في الموضعين تعذرت الرؤية من الشاهد فأما الشاهد نفسه هل له أن يعين من رآه وكتب صفته أو ضبطها ثم رأى شخصا بتلك الصفة هذا أبعد فإن ذاك تعريف من الحاكم وهذا تعريف من الشاهد وهو شبيه بخطه إذا رآه ولم يذكر الشهادة انتهى كلامه.
    ● فصل
    فإن قال الأعمى أشهد أن لفلان علي هذا شيئا ولم يذكر اسمه ونسبه أو شهد البصير على رجل من وراء حائل ولم يذكر اسمه ونسبه لم يصح ذكره القاضي محل وفاق أصلا للمخالف وفرق بأن المشهود عليه مجهول.
    قال الشيخ تقي الدين قياس المذهب أنه إذا سمع صوته صحت الشهادة عليه أداء كما تصح الشهادة عليه تحملا فإنا لا نشترط رؤية المشهود عليه حين التحمل ولو كان الشاهد بصيرا فكذلك لا نشترطها عند الأداء وهذا نظير إشارة البصير إلى الحاضر إذا سماه ونسبه وهو لا يشترط في أصح الوجهين فكذلك
    __________
    1 في نسخة أخرى: حضور
    إذا أشار إليه لا تشترط رؤيته قال وعلى هذا فتجوز شهادة الأعمى على من عرف صوته وإن لم يعرف اسمه ونسبه ويؤديها عليه إذا سمع صوته.
    ● فصل
    قال القاضي ضمن المسألة وأيضا فإن حدوث العمى بعد تحمل الشهادة لم يتعذر معه إلا معاينة المشهود عليه والإشارة إليه وهذا لا يمنع من سماع شهادته وقبولها لأن المقصود بمعاينته والإشارة إليه هو تعيينه وتمييزه عن غيره ليصير معلوما عند الحاكم فيتمكن بذلك من إنفاذ الحكم عليه وهذا يحصل مع حدوث العمى بما يصفه بلسانه من اسمه ونسبه وصفاته التي تميزه وتعينه.
    فإن قيل لو كان التعيين باللسان يقوم مقام الإشارة لوجب أن يصح في البصر إذا شهد قيل يصح ذلك من البصير من غير حضور الخصم ويكون التعيين باللسان بناء على قولنا في القضاء على الغائب وسماع البينة عليه فإن حضر الخصم احتمل أن تقبل الشهادة عليه من غير إشارة إليه إذا ذكر اسمه ونسبه وهو الصحيح واحتمل أن تجب الإشارة إليه مع الحضور لأنه أقرب إلى علم الحاكم به وفصل الحكم بينه وبين خصمه بخلاف الأعمى فإن فصل الحكم يحصل بسماع كلامه لتعذر الإشارة من جهته بدليل جواز الشهادة على الغائب عند المخالف بلا إشارة وإذا حضر وجبت الإشارة.
    قال الشيخ تقي الدين الأعمى تمكن منه الإشارة إذا عرف الصوت قال القاضي وأيضا فإنه ليس من شرط صحة الشهادة معاينة المشهود عليه بدليل اتفاقهم على جواز الشهادة على الميت والموكل الغائب.
    وقال أيضا تعيين الشهود عليه للحاكم يحصل بالتسمية والنسبة والصفة.
    ● [ لكتاب الشهادات بقية ] ●

    كتاب الشهادات [ 2 ] Fasel10

    كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كتاب الشهادات [ 2 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024 - 23:31