منتدى غذاؤك دواؤك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    كتاب الصلاة [ 5 ]

    avatar
    غذاؤك
    Admin


    عدد المساهمات : 2100
    تاريخ التسجيل : 12/11/2013

    كتاب الصلاة [ 5 ] Empty كتاب الصلاة [ 5 ]

    مُساهمة من طرف غذاؤك الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 - 15:20

    كتاب الصلاة [ 5 ] Fekyh_18

    بّسم اللّه الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الفقة الإسلامي
    المحرر في الفقه
    على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المجلد ألأول
    كتاب الصلاة [ 5 ] 1410
    ● [ تابع كتاب الصلاة ] ●

    ● تابع باب موقف الإمام والمأموم
    O متابعة المتن
    ومن خاف فوات الركعة فركع فذا ثم دخل في الصف والإمام في الركوع
    __________
    بتقدمه على الإمام فهو كما لو حدث البطلان بغيره على ما تقدم عند ذكر صاحب المحرر المسألة
    وكلامهم يتناول صلاة الجنازة أيضا وصرح الشيخ تقي الدين فيها بروايتين واختار الجواز.
    فصل
    قد اشتهر أن تسوية الصفوف أمر مطلوب للشارع وعندنا وعند عامة العلماء أن ذلك مستحب وفيه إشكال فإن في الصحيحين من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام قال: " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" وفيهما من حديث النعمان بن بشير أنه عليه الصلاة والسلام قال " لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " وفي لفظ أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبته وكعبه بكعبه إسناده صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود قيل في قوله " ليخالفن الله بين وجوهكم " معناه يمسخها ويحولها عن صورتها كقوله في الذي يرفع قبل الإمام: " يجعل صورته صورة حمار " وقيل: يغير صفتها وقيل: معناه يوقع بينكم العداوة واختلاف القلوب لأن اختلاف الظاهر سبب لاختلاف الباطن ومخالفة الصفوف مخالفة في الظاهر وهذا ظاهر في الوجوب وعلى هذا بطلان الصلاة به محل نظر.
    وقد قال في شرح الأحكام الصغرى قوله: " من تمام الصلاة " قد يؤخذ منه أنه مستحب غير واجب لأنه لم يذكر أنه من أركانها ولا من واجباتها

    O متابعة المتن
    أو الاعتدال عنه صحت صلاته وعنه إن علم بالنهي عن ذلك لم يصح وعنه
    __________
    وتمام الشيء زائد على وجود حقيقته التي لا يسمى إلا بها في مشهور الاصطلاح وقد يطلق بحسب الوضع على بعض مالا تتم الحقيقة إلا به انتهى كلامه
    وهذا اللفظ دلالته محتملة فلا ينهض أن يؤخذ منه خلاف ما تقدم وروى البخاري عن أنس مرفعوعا أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري وأخذ عدم الوجوب من هذا متوقف على القول بدلالة الاقتران وليس مذهبا لنا ومتوقف أيضا على أن التراص لا يجب بالإجماع.
    فصل
    والتسوية في الصف بمحإذاة المناكب والأكعب فيه دون أطراف الأصابع ذكره المصنف وغيره لما روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " رصوا صفوفكم وقاربوا بينها " وحاذوا بين الأعناق إسناده صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائي ورووا أيضا والاسناد جيد عن أنس مرفوعا أتموا الصف الأول ثم الذي يليه فإن كان نقصان فليكن في الصف المؤخر .
    والمشهور القول بموجبه وأن ترك الصف الأول ناقصا مكروه خلافا لابن عقيل فإنه اختار أن لا يكره تطوع الإمام في موضع المكتوبة وقاسه على ترك الصف الأول للمأمومين والأول أولى واختاره الشيخ تقي الدين.
    ويدخل في إطلاق كلامهم لو علم أنه لو مشى إلى الصف الأول فاتته ركعة وإن صلى في الصف المؤخر لم تفته لكن في صورة نادرة ولا يبعد القول بالمحافظة على الركعة الأخيرة وإن كان غيرها مشى إلى الصف الأول وقد يقال يحافظ على الركعة الأولى والأخيرة وهذا كما قلنا لا يسعى إذا أتى الصلاة للخبر المشهور وقال الإمام أحمد فإن أدرك التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع ما لم يكن

    O متابعة المتن
    إن دخل الصف قبل رفع إمامه صحت وإلا فلا تصح ومن فعل ذلك لغير
    __________
    أعجل بفتح...1 جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شتاء إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى وقد ظهر مما تقدم أنه يعجل لإدراك الركعة الأخيرة لكن هل تقيد المسألتان بتعذر الجماعة فيه تردد.
    فصل
    فإن لم يجد فرجة في الصف ولا وجد أحدا يقوم معه فله أن ينبه من يقوم معه بنحنحة أو إشارة أو كلام من غير كراهة لا يختلف المذهب فيه وهل يجذب من يقوم معه نص أحمد على أنه يكره ذكره المصنف وغيره وذكر الشيخ وغيره أنه استقبحه أحمد وإسحاق وهو قول مالك وذكر المصنف أنه أصح ونصره الشيخ وجيه الدين بن المنجي لأنه تصرف بلا إذن ولا ولاية وفيه تأخيره عن فضيلة السبق إلى الصف الأول وذكر المصنف أن هذا اختيار ابن عقيل قال في التلخيص في جواز ذلك وجهان والذي اختاره ابن عقيل أنه لا يجوز وهذا ظاهر قول الشيخ تقي الدين فإنه قال صلى وحده خلف الصف ولم يدع الجماعة ولم يجتذب أحدا يصلي معه.
    وقوله : "صلى وحده" هذا وجه في المذهب وهو قوي بناء على أن الأمر بالمصافة إنما هو مع الإمكان واعترف ابن عقيل أن قول الأصحاب الجواز واختاره في المغني لقول النبي صلى الله عليه وسلم لينوا في أيدي إخوانكم حديث حسن رواه أحمد من حديث أبي أمامة ورواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر وقاسه الشيخ على السجود على ظهر إنسان أو على قدمه
    __________
    1- كذا بالأصل . وبياض موضع كلمة

    O متابعة المتن
    غرض لم تصح صلاته وقيل: تصح.
    __________
    عند الزحام في الجمعة والتسوية بين المسألتين صرح بها جماعة منهم ابن عقيل وصاحب التلخيص وهو قول مالك والمنقول عن أحمد السجود عند الزحام بخلاف مسألة الجذب لكن هل السجود وجوبا كما صرح به جماعة كما هو ظاهر قول عمر فليسجد على ظهر أخيه رواه أبو داود الطيالسي وسعيد بن منصور أو السجود أولى فقط كما روي عن أحمد وهذه التفرقة اختيار جماعة منهم الشيخ وجيه الدين لأنه لا ضرر في مسألة الزحام ومسألة الجذب فلا يؤثر الانتقال من الصف الأول فيفوته فضيلته وإن كان له أجر في وقوفه مع الفذ وعلى قول ابن عقيل يومي غاية الإمكان في مسألة الزحام فإن احتاج إلى وضع يديه أو ركبتيه وقلنا يجوز في الجبهة فوجهان.
    فصل
    فإن خرج معه وإلا تركه قال مالك لا يتبعه لقوله عليه الصلاة والسلام: " من قطع صفا قطعه الله " رواه أحمد وأبو داود والنسائي ويصلي فذا ولنا أنه لمصحة كتأخيره عن يمين الإمام إذا جاء آخر ويجبر ما يفوته بسبقه إلى تصحيح صلاة أخيه المسلم وروى أبو داود في المراسيل عن الحسن بن علي عن يزيد بن هارون عن الحجاج بن حسان عن مقاتل بن حيان رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج " كلهم ثقات وذكره البيهقي وغيره.
    فصل
    إذا وقف الصبي في الصف الأول أو قرب الإمام فهل يؤخر؟ قال الشيخ

    O متابعة المتن
    وإذا أمت امرأة نساء قامت بينهن وسطا وكذلك إمام العراة.
    __________
    مجد الدين فإن وضعت جنازة المفضول بين يدي الإمام ثم جيء بالأفضل تأخر الإمام إن أمكنه ليلي الأفضل وإن لم يمكن أخرت السابقة في أحد الوجهين والثاني لا يؤخر وهو قول الشافعي إن كان السابق صبيا والمسبوق رجلا مراعاة للسبق كما لا يؤخر السابق إلى الصف الأول وإلى قرب الإمام وإن كان مفضولا قال ابن عبد القوي وقد تقدم في صفة الصلاة أن بعض الصحابة أخر صبيا من الصف الأول
    قال الشيخ مجد الدين وتؤخر هنا المرأة لمجيء الرجل على المذهبين معا لمكان الذكورية وكون المرأة لا تقف في صف الرجال بخلاف الصبي انتهى كلامه.
    والوجه الثاني اختيار القاضي والأول اختيار الشيخ موفق الدين وغيره وقال الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية لو حضرت جنازة امرأة ثم جنازة رجل قدم الرجل إلى الإمام وأخرت المرأة لقول عليه الصلاة والسلام: " أخروهن من حيث أخرهن الله " ولو حضرت جنازة صبي ثم حضرت جنازة رجل قدم الرجل لقوله " ليليني منكم ذوو الأحلام والنهى " وقال الشافعي لا يؤخر الصبي لأنه يجوز أن يقف في صف الرجال بخلاف المرأة.
    قال الشيخ وجيه الدين فإن كانت من جنس واحد وتفاوتوا في الفضائل وتعاقبوا في الحضور فمن سبق إلى قرب الإمام فهو أحق به كما في الصف الأول فإنه لا يؤخر عنه بحضور من هو أفضل منه انتهى كلامه.
    وظاهر كلام جماعة من الأصحاب أنه لا فرق بين الجنس والأجناس خلاف ما ذكره الشيخ وجيه الدين كما أن ظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة خلاف ما ذكره الشيخ مجد الدين.

    O متابعة المتن
    ومن سمع التكبير ولم ير الإمام ولا من وراءه لم يصح أن يأتم به إلا
    __________
    فظهر من ذلك أنه هل يؤخر المفضول بحضور الفاضل أولا يؤخر أو يفرق بين الجنس والأجناس أو يفرق بين مسألة الجنائز ومسألة الصلاة أقوال والخبر الذي أشار إليه ابن عبد القوي رواه الإمام أحمد عن قيس بن عباد قال أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة وخرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام في مكاني فما عقلت صلاتي فلما صلى قال يا بني لا يسؤك الله فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: " كونوا في الصف الأول الذي يليني وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك وكان الرجل أبي بن كعب ".
    وهذا الخبر إن صح فهو رأي صحابي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سبق إلى ما سبق إليه مسلم فهو أحق به " وفي الصحيحين عن جابر وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه ولكن تفسحوا أو توسعوا
    قوله : "ومن سمع التكبير ولم ير الإمام ولا من وراءه لم يصح أن يأتم به إلا في المسجد وعنه لا يصح بحال وعنه تصح بكل حال".
    أطلق عدم الرؤية ونقض غير واحد بالأعمى ونقض المصنف في شرح الهداية فقال لو كان الحائل ظلمة أو اقتدى ضرير بضرير صح مع سماع التكبير والرؤية ممتنعة ونقض الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية بسواري المسجد وفيه نظر.
    وظاهر كلامه في المحرر أن الخلاف الذي ذكره سواء اتصلت الصفوف أم لا وأنه لا يشترط اتصال الصفوف مطلقا أما في غير المسجد فسيأتي

    O متابعة المتن
    في المسجد وعنه لا يصح بحال وعنه يصح بكل حال.
    __________
    الكلام فيه في المسألة بعدها وأما في المسجد فلا يعتبر حكاه في شرح الهداية إجماعا وكذا قطع به الأصحاب.
    وظاهر هذا أنه سواء كان بينهما حائل أم لا قطع في شرح الهداية أبو المعالي ابن المنجي بأنه إذا حال بينهما في المسجد نهر يمكن فيه السباحة والخوض متعذر غير متيسر ولا جسر يمكن العبور عليه أنه يجوز ولا يمنع الاقتداء لأن المسجد معد للاجتماع كما لو صلى في سطح المسجد ولا درجة هناك وأنه على روايتي الاكتفاء بسماع التكبير في المسجد يشترط الاتصال العرفي الذي يعد أن يجتمعن عرفا1 كالاتصال في الصحراء انتهى كلامه.
    وقال الآمدي لا خلاف في المذهب أنه إذا كان في أقصى المسجد وليس بينه وبين الإمام ما يمنع الاستطراق والمشاهدة أنه يصح اقتداؤه به فإن لم تتصل الصفوف فظاهر هذا أن ما يمنع المشاهدة يمنع صحة الاقتداء وهو ظاهر إطلاق ما رواه أبو بكر عبد العزيز عن عمر في أن النهر مانع من صحة الاقتداء
    فقد ظهر من هذا أنه لا يشترط اتصال الصفوف في المسجد وعلى قول الشيخ أبو المعالي يشترط إن كان يمنع الرؤية وأنه لا يضر حائل غير مانع من الرؤية في المسجد خلافا للآمدي وأطلق في المحرر الحائل المانع من الرؤية في المسجد وغيره وكذا ذكر غير واحد وقد نص الإمام أحمد في رواية المروزي وأبي طالب في المنبر إذا قطع الصف لا يضر
    قال المصنف في شرح الهداية فمن أصحابنا من قال هذا على عدم اعتبار المشاهدة في المسجد فأما على رواية اعتبارها فيقطع قال ومنهم من قال هذا يجوز على كلتا الروايتين في الجمعة ونحوها للحاجة انتهى كلامه
    __________
    1- كذا في الأصل . ولعل "الذي يعد أنه اجتماع عرف" أو نحوهما

    O متابعة المتن
    فإن ائتم به خارج المسجد وهو يراه أو يرى من خلفه جاز إلا إذا كان
    __________
    والرواية الخاصة بالجمعة عامة سواء كان الإمام والمأموم في المسجد أولا وعنه رواية رابعة أن ذلك يمنع منهما في الفرض دون النفل قال بعض أصحابنا فيما إذا كانا في المسجد وقيل: إن كان المانع لمصلحة المسجد صح وإلا لم يصح وقال فيما إذا كان المأموم في غير المسجد وعنه إن كان الحائل حائط المسجد لم يمنع وغيره يمنع.
    قوله : "فإذا ائتم به خارج المسجد وهو يراه أو يرى من خلفه جاز".
    وظاهره أنه سواء رآه في كل الصلاة أو في بعضها وهو صحيح وقد صرح به غير واحد وقال في المغني وإن كانت المشاهدة تحصل في بعض أحوال الصلاة فالظاهر صحة الصلاة لحديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وجدار المسجد قصير الحديث.
    وظاهره أيضا أنه لا يشترط اتصال الصفوف وقد قطع به غير واحد منهم القاضي أبو الحسين وذكر المصنف في شرح الهداية أنه الصحيح من المذهب وأنه قول جمهور العلماء كما لو كانا في المسجد وأن ظاهر قول الخرقي أنه يشترط لظاهر أمره عليه الصلاة والسلام بالدنو من الإمام وقطع به الشيخ في الكافي وقطع به الشيخ وجيه الدين أيضا في شرح الهداية.
    فعلى هذا يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف قطع به الشيخ وجيه الدين فقال مضبوط بالعرف عندنا وقطع به أيضا في الكافي فقال لا يكون بينهما بعد كثير لم تجر العادة بمثله وهو قول الخرقي على ما ذكره المصنف وذكر في التلخيص والرعاية أنه يرجع فيه إلى العرف أو ثلاثة أذرع وقيل: متى كان بين الصفين ما يقوم صف آخر فلا اتصال اختاره المصنف في شرح الهداية حيث اعتبر اتصال الصفوف وهو في الطريق على

    O متابعة المتن
    بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق لم تتصل به الصفوف فهل يجوز على روايتين.
    __________
    ما سيأتي قال في المغني معنى اتصال الصفوف أن لا يكون بينهما بعد لم تجر العادة بمثله فلو اقتصر في المغني على هذا كان مثل قوله في الكافي وكان واضحا لكن زاد يمنع إمكان الاقتداء وهذه الزيادة فيها إشكال .
    وفهم الشيخ شمس الدين من هذه الزيادة أنها تفسير وقيد الكلام قبلها فقال في شرحه معنى اتصال الصفوف أن لا يكون بينهما بعد لم تجر العادة به بحيث يمنع إمكان الاقتداء وتفسير اتصال الصفوف بهذا التفسير غريب وإمكان الاقتداء لا خلاف فيه.
    وقال الشافعي متى بعدت بينه وبين من وراء الإمام لم تصح قدوته به وقدرها بما زاد على ثلاثمائة ذراع وجعل ما دون ذلك قريبا أخذا من مدى الغرضين في المفاضلة.
    وقال الشيخ وجيه الدين وضبطه الشافعي بضابط حسن بمائتي ذراع أو ثلاثمائة ذراع.
    وظاهر كلامه في المحرر أنه إن كان بينهما حائل غير مانع من الرؤية لا يضر إلا ما استثناه على ما سيأتي وقيل: إن كان بينهما شباك ونحوه لم يمنع في أصح الوجهين وقيل: بل في أصح الروايتين والقول بأنه يمنع حكاه المصنف في شرح الهداية عن بعض الشافعية لانقطاع بعد المكانين عن الآخر.
    قوله : "إلا إذا كان بينهما نهر تجري فيه السفن أو طريق لم تتصل فيه الصفوف فهل يجوز على روايتين".
    اتصال الصفوف في الطريق فيه الخلاف السابق إذ لا أثر للطريق فيه هذا فيما إذا كان لحاجة لعموم البلوى بذلك في الجمعة والأعياد ونحوها أو قلنا بصحة الصلاة في الطريق مطلقا فإن قلنا بعدم الصحة وهي الرواية المشهورة

    O متابعة المتن
    ومن كان موقف إمامه أعلى منه صح ائتمامه به وكره وقال ابن حامد:
    لا يصح ولا بأس باليسير من ذلك ويكره للإمام خاصة أن يتطوع موضع
    __________
    على ما ذكره المصنف في شرح الهداية فحكم من وراء الواقف في الطريق حكم من اقتدى بالإمام وبينهما طريق خال.
    وقوله : "فهل يجوز على؟ روايتين" رواية الجواز اختارها الشيخ موفق الدين وذكر المصنف في شرح الهداية أنه القياس لكنه ترك للأثر ورواية المنع اختيار الأصحاب لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال من صلى وبينه وبين الإمام نهر أو جدار أو طريق فلم يصل مع الإمام وعن علي أنه رأى قوما في الرحبة فقال من هؤلاء فقالوا ضعفاء الناس فقال لا صلاة إلا في المسجد وعن أبي هريرة وحكاه عنه ابن المنذر لا جمعة لمن صلى في رحبة المسجد وعن أبي بكر أنه رأى قوما يصلون في رحبة المسجد فقال لا جمعة لهم روى هذه الآثار أبو بكر عبد العزيز بإسناده.
    وهذه الآثار في صحتها نظر والأصل عدمها وبتقدير صحتها لا دلالة لأكثرها على محل النزاع بل في أصح1 وعن الإمام أحمد يمنع في الفرض خاصة.
    وألحق الآمدي بالنهر النار والبئر وألحق صاحب المبهج الشيخ أبو الفرج بذلك السبع وقطع الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية برواية المنع كما اختاره الأصحاب قال لعدم الاتصال العرفي وهذا بناه على اختياره في اعتبار اتصال الصفوف عرفا والأصحاب من اعتبر منهم ولا يلزم اختلاله2 ومن لم يعتبره فلا إشكال عليه عنده قال وأما الطريق المختصة بعبور الرجل والساقية التي يمكن خوضها فليس بمانع ولا قاطع عرفا.
    قوله : "ولا بأس باليسير من ذلك".
    __________
    1- كذا في الأصل: وكتب وفوقها "كذا".
    2- كذا في الأصل.

    O متابعة المتن
    المكتوبة أو يقف في المحراب إلا من حاجة ولا يكره الوقوف بين السواري إلا لصف تقطعه.
    __________
    كذا ذكر جماعة وأطلق في المستوعب والمذهب وغيرهما كراهة العلو اليسير قطع المصنف في شرح الهداية والشيخ موفق الدين بأنه كدرجة المنبر ونحوها وذكر القاضي أنه يكره بذراع أو أزيد وقطع به في الرعاية ولعله يقارب معنى القول الذي قبله وقطع الشيخ وجيه الدين في شرح الهداية بأن قدر الارتفاع المكروه قدر قامة المأموم لأنه حينئذ يحتاج إلى رفع رأسه ليعلم انتقالات إمامه ورفع رأسه مكروه وما دون ذلك فلا يكره لعدم الحاجة إلى رفع رأسه الموجب للكراهة.
    قوله : "ولا يكره الوقوف بين السواري إلا لصف تقطعه".
    ولم يتعرض لمقدار ما يقطع الصف وكأنه يرجع فيه إلى العرف وشرط بعض أصحابنا أن يكون عرض السارية التي تقطع الصف ثلاثة أذرع وإلا فلا يثبت لها حكم القطع ولا حكم الخلل ذكره الشيخ وجيه الدين وهذا القول هو معنى قول من قال من الأصحاب إن من وقف عن يسار الإمام وكان بينه وبينه ما يقوم فيه ثلاثة رجال لا تصح صلاته لأن الرجل يقوم في مقاربة ذراع والتحديد بابه التوقيف ولا توقيف هنا ومتى دعت الحاجة إلى الوقوف بين السواري فلا كراهة قطع به جماعة منهم المصنف في شرح الهداية كالصلاة في طاق القبلة واستثنى في المحرر الحاجة فيه دون هذه.
    والظاهر أنه غير مراد وكأنه تبع غيره على العبارة.

    ● باب صلاة المريض
    وإذا عجز المريض عن القيام صلى جالسا كالمتطوع فإن لم يستطع فعلى
    __________
    قوله : "وإذا عجز المريض عن القيام صلى جالسا"

    O متابعة المتن
    جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة فإن صلى على الأيسر أو على ظهره مستلقيا
    __________
    ليس الحكم مختصا بالعجز فلو قدر على القيام لكن خشي زيادة مرض أو ضعف أو تباطؤ برء ونحو ذلك صلى جالسا كما قلنا في الصيام وطهارة الماء على الصحيح قال الغمام أحمد إذا كان قيامه مما يوهنه ويضعفه صلى قاعدا وقال أيضا إذا كانت صلاته قائما توهنه وتضعفه فأحب إلى أن يصلي قاعدا وعن الإمام أحمد لا يجلس إلا إن عجز أن يقوم لدنياه.
    وإطلاق كلامه في المحرر يقتضي أنه لو قدر على القيام باعتماده على شيء أنه يلزمه وصرح به جماعة وقال ابن عقيل لا يلزمه أن يكتري من يقيمه ويعتمد عليه وإطلاق كلامه أيضا يقتضي أنه إن أمكنه الصلاة قائما منفردا وفي الجماعة جالسا أنه يصلي قائما منفردا وقدمه الشيخ وجيه الدين لأنه ركن متفق عليه والجماعة مختلف في وجوبها وقيل: بل يصلي قاعدا جماعة لأن الصحيح يصلي قاعدا خلف إمام الحي المريض لأجل المتابعة والجماعة والمريض أولى وقيل: بل يخير بين الأمرين قطع به في الكافي وقدمه غير واحد لأنه يفعل في كل واحد منهما واجبا ويترك واجبا ولأن القيام إنما يجب حالة الأداء فإذا أداها في الجماعة فقد عجز عنه حالة الأداء قطع المصنف بهذا في شرح الهداية وذكره عن الشافعي وظاهر قول الحنفية واحتج بأن مصلحة الجماعة أكثر أجرا ومصلحة من القيام لأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وتفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بخمس وعشرين ضعفا.
    وإطلاق كلامه أيضا يقتضي أنه إذا أمكنه القيام في صورة الراكع أنه لا يلزمه وليس كذلك بل يلزمه لأنه قيام مثله بخلاف ما لو كان لغير آفة به كمن في بيت قصير سقفه أو خائف من عدو يعلم به إذا انتصب ويمكنه أن يستوي جالسا فإنه يصلي جالسا على منصوص الإمام أحمد لعدم

    O متابعة المتن
    ورجلاه إلى القبلة جاز ويومئ بالسجود أخفض من إيمائه بالركوع فإن عجز أومأ بطرفه واستحضر الأفعال بقلبه.
    __________
    الاستطاعة المذكورة في حديث عمران بن حصين ويفارق الذي قبله لأنه إن جلس جلس منحنيا فإذا لم يكن بد من الانحناء فقيامه أولى لأنه الأصل.
    وإطلاق كلامه أيضا يقتضى أنه لو صام في رمضان صلى قاعدا وإن أفطر صلى قائما أنه يصلي قائما وقطع الشيخ وجيه الدين بأنه يصوم ويصلي قاعدا لما فيه من الجمع بينهما.
    وإطلاق كلامه أيضا يقتضي أنه لو صلى قائما امتنعت عليه القراءة أو لحقه سلس البول ولو صلى قاعدا امتنع السلس أنه يصلي قائما وقطع الشيخ وجيه الدين بأنه يصلي قاعدا لسقوط القيام في النفل ولا صحة مع ترك القراءة والحدث.
    والنادر وإن دخل في كلام المكلف فالظاهر عدم إرادته له وهذه الصورة أو بعضها من النوادر.
    قوله : "فإن عجز أومأ بطرفه واستحضر الأفعال بقلبه".
    وبهذا قال مالك والشافعي وعن أحمد تسقط وضعفها الخلال وهو قول أبي حنيفة واختاره الشيخ تقي الدين وللقول الأول أدلة ضعيفة يطول ذكرها وبيان ضعفها ولا يخفى ضعفها عند المتأمل وقد اعتبر المصنف في شرح الهداية هذه المسألة بالأسير إذا خافهم على نفسه فصار بحيث لا يمكنه التحريم خوفا منهم وجعلها أصلا لها في عدم سقوط الصلاة لعجزه عن الأفعال في الموضعين وكذلك عندنا وعند مالك والشافعي إن عجز أن يومئ بطرفه وأمكنه أن ينوي ويستحضر أفعال الصلاة بقلبه لزمه ذلك ذكره المصنف في شرح الهداية.
    ومراده بأفعال الصلاة القولية والفعلية إن عجز عن القولية بلسانه وكذا قطع به الشيخ وجيه الدين قال ابن عقيل إذا كان الرجل أحدب يجدد من قلبه عند قصد الركوع إنما يقصد به الركوع لأنه لا يقدر على فعله كما يفعل المريض الذي

    O متابعة المتن
    ولا يؤخر صلاته ما لم يغم عليه ومن أمكنه القيام دون الركوع والسجود صلى قائما وأومأ بالركوع قائما أو بالجلوس جالسا.
    __________
    لا يطيق الحركة يجدد لكل فعل وركن قصدا بقلبه انتهى كلامه.
    وقطع بعضهم بأنه إذا عجز عن الصلاة مستلقيا أنه يومئ ء بطرفه وينوي بقلبه.
    فلعل مراده أن ينوي الصلاة بقلبه ويستحضرها في ذهنه إلى آخرها كما ذكره غيره واقتصاره على هذا يوهم أنه إذا عجز عن الإيماء بطرفه تسقط الصلاة مع ثبات عقله وليس كذلك لأنه قال وينوي بقلبه ومن عجز عن بعض المطلوب أتى بالبعض الآخر.
    وذكر في المستوعب أنه يومئ ء بطرفه أو بقلبه وظاهره الاكتفاء بعمل القلب ولا يجب الإيماء بالطرف وليس ببعيد ولعل مراده أو بقلبه أن عجز عن الإيماء بطرفه.
    وقال في المقنع فإن عجز أومأ بطرفه ولا تسقط الصلاة وكذا في الكافي وزاد ما دام عقله ثابتا فيحتمل أنه أراد إذا عجز عن الإيماء بطرفه سقطت الصلاة ويكون قوله "ولا تسقط الصلاة ما دام عقله ثابتا" يعني على الوجه المذكور وهو قدرته على الإيماء بطرفه وهذا قول الحسن بن زياد الحنفي.
    ويدل على هذا أن الظاهر أنه ينوي بقلبه مع الإيماء بطرفه ولم يذكرها وقد يدل على هذا الاحتمال الثاني وهو أنه إذا عجز عن الإيماء بطرفه نوى بقلبه كما ذكره غيره واستحضر أفعال الصلاة بقلبه.
    قوله : "ولا يؤخر الصلاة ما لم يغم عليه".
    يعني ويقضي على أصلنا وقال جماعة ولا تسقط الصلاة ما دام عقله ثابتا ومرادهم بالسقوط التأخير.

    O متابعة المتن
    ويجوز لمن به رمد أن يصلى مستلقيا إذا قال ثقات الطب إنه ينفعه ومن أمكنه في أثناء صلاته القعود أو القيام انتقل إليه وبنى.
    __________
    قوله : "ويجوز لمن به رمد أن يصلي مستلقيا إذا قال ثقات الطب إنه ينفعه".
    ليس حكم المسألة مختصا بمن به رمد بل من في معناه حكمه حكمه فإذا قيل له إن صليت مستلقيا زال مرضك أو أمكن مداواتك فله ذلك واحتج على هذا بأنه فرض للصلاة فإذا خاف الضرر منه أو رجى البرء بتركه سقط كالطهارة بالماء في حق المريض ولأنه يباح له الفطر في رمضان لأجل ذلك إذا خشى الضرر بالصوم ففي ركن الصلاة أولى ولأنه يجوز ترك الجمعة والصلاة على الراحلة لخوف تأذيه بالمطر والطين في بدنه أو ثيابه فترك القيام لدفع ضرر ينفعه البصر1 أو غيره أولى.
    ويعرف من أصول هذه الأقيسة أن المسألة يخرج فيها خلاف في المذهب وفاقا لمالك والشافعي في عدم الجواز لأن أصولها أو أكثرها فيه خلاف مرجوح في المذهب فوقع الكلام فيها على الراجح المقطوع به عند غير واحد.
    وذكر في الكافي المسألة في الرمد كما ذكرها هنا واحتج بما ذكره غيره من أنه روى أن أم سلمة تركت السجود لرمد بها ولأنه يخاف منه الضرر أشبه المرض كذا قال.
    وقوله : "إذا قال ثقات الطب" لا يعتبر قول ثقات الطب كلهم ولم أجد تصريحا باعتبار قول ثلاثة بل هو ظاهر كلام جماعة قال الشيخ زين الدين بن منجا وليس بمراد لأن قول الاثنين كاف صرح به المصنف وغيره يعني بالمصنف الشيخ موفق الدين وقدم في الرعاية أنه يقبل قول واحد وقد قال أبو الخطاب
    __________
    1- كذا بالأصل . ولعله "يخشاه على البصرة".
    في الانتصار في بحث مسألة التيمم لخوف زيادة المرض قال المعتبر بالظاهر وغلبة الظن إذا اتفق جماعة من الأطباء على أنه بترك الماء يأمن زيادة المرض والشين المقبح صار ذلك عذرا في الترك كالمتيقن انتهى كلامه.
    وثقات الطب يعطي اعتبار إسلامهم وهو مصرح به ويعطى العلم به ويعطى أيضا العدالة لأن الفاسق ليس بثقة ولا مؤتمن وينبغي أن يكتفي بمستور الحال.
    وقد احتج من قال بالمنع في المسألة بما ذكره ابن المنذر وغيره عن ابن عباس "أنه لما كف بصره أتاه رجل فقال لو صبرت على سبعة أيام لم تصل إلا مستلقيا رجوت أن تبرأ فأرسل إلى عائشة وأبي هريرة وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكلهم قال أرأيت إن مت في هذه السبعة ما الذي تصنع بالصلاة فترك معالجة عينيه".
    وأجاب في المغني بأنه إن صح فيحتمل أن المخبر لم يخبر بخبر عن يقين وإنما قال أرجو وأنه لم يقبل خبره لكونه واحدا أو مجهول الحال بخلاف مسألتنا وهذا يدل على أنه لا يكفي قول واحد ولا مجهول الحال وظاهره سواء جهلت عدالته أو علم وأنه لا بد من جزم الطبيب بذلك.
    وقال المصنف: الظاهر أنهم يئسوا من عود بصره بعد ذهابه ولم يثقوا بقول المخبر لقصوره أو للجهل بحاله أو لغير ذلك.
    وقال الشيخ وجيه الدين: وأما ابن عباس فكان المخبر واحدا والبصر مكفوف فطلب عودته لم يخف زيادة مرض ولا تباطؤ برء.

    ● باب صلاة المسافر
    ومن نوى سفرا مباحا مسافته ستة عشر فرسخا كل فرسخ ثلاثة أميال بالهاشمي والميل أثنا عشر ألف قدم خير بين قصر الرباعية وإتمامها.
    __________
    قوله : "خير بين قصر الرباعية".

    O متابعة المتن
    إذا جاوز بيوت قريته والقصر أفضل ويشترط أن ينويه عند الإحرام.
    ومن سافر أو أقام في أثناء صلاته أو ذكر صلاة سفر في حضر أو صلاة حضر في سفر أو أخر المسافر صلاته عمدا حتى خرج وقتها أو ضاق عنها أو ائتم بمقيم فيما يعتد به أو بمن يشك هل هو مسافر أم لا أو فسدت صلاته خلف مقيم فأعادها لزمه أن يتم ذلك كله.
    __________
    لو قال إلى ركعتين كما قال بعضهم كان أولى لأنه ممنوع من صلاة الرباعية ثلاثا قال ابن عقيل وغيره وإذا صلى المسافر الرباعية ثلاثا ثم سلم متعمدا بطلت صلاته كما لو مسح على أحد خفيه ثم غسل الرجل الأخرى.
    قوله : "أو أخر المسافر صلاته عمدا حتى خرج وقتها أو ضاق عنها لزمه أن يتم".
    كذا ذكر هذه المسألة ولم أجد أحدا ذكرها قبله وكلامه في شرح الهداية يدل على أنه لم يجد أحدا من الأصحاب ذكرها فإنه قال هو كالناسي لذلك في مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وظاهر تقييد أصحابنا بذكر الناسي في ذلك يعني وإن نسي صلاة سفر فذكرها فيه أو في سفر آخر المسألة قال وفي مسألة تغلب الإتمام فيمن نسي صلاة في سفر فذكرها في الحضر يدلان على أن القصر لا يجوز ههنا وهو ظاهر كلام بن أبي موسى فإنه قال إذا دخل وقت صلاة على مقيم يريد السفر فارتحل قبل أدائها ثم أداها في السفر ووقتها باق فله القصر وإن لم يصلها حتى خرج وقتها أتمها لا يجزئه غير ذلك.
    ووجه ذلك أن القصر رخصة يختص بصلوات السفر معونة عليها وعلى مشاقه فوجب أن تختص بمن فعلها الفعل المأذون فيه ولم يؤخرها تأخيرا محرما كما اختصت بالسفر غير المحرم وعلى هذه المسألة يحمل قول القاضي في الخصال فإن كان قاضيا لها أو لبعضها لم يجز له القصر توفيقا بينه وبين الجواز للناسي في سائر صفاته

    O متابعة المتن
    وإن سافر في وقت صلاة أو أدرك مقيما في التشهد الأخير فعلى روايتين.
    وإن نسي صلاة سفر فذكرها فيه قصر وإن ذكرها في سفر آخر فعلى وجهين.
    __________
    ويحتمل أن يحمل كلام القاضي في الخصال على ظاهره فلا يجوز قصر فائتة بحال كأحد قولي الشافعي فقد نقل المروزي ما يدل عليه فقال سألت أبا عبد الله عمن نسي صلاة في السفر فذكرها في الحضر قال يصلي أربعا في السفر ذكرها أو في الحضر انتهى كلامه.
    وعموم كلام الأصحاب يدل على جواز القصر في هذه المسألة وصرح به بعضهم ذكره في الرعاية وجها وهو ظاهر اختياره في المغني فإنه ذكر عن بعض الأصحاب أن من شرط القصر كون الصلاة مؤداة لأنها صلاة مقصورة فاشترط لها الوقت كالجمعة وهذا فاسد لأنه اشتراط بالرأي والتحكم والجمعة اشترط لها شروط فجاز أن يشترط لها الوقت بخلاف هذه وإطلاق كلامه يقتضي أنه لا فرق بين التعمد والنسيان ولو فرق الحكم لبينه هو وغيره من الأصحاب واستدلوا عليه وأما التقييد بالناسي فإنه وقع على الغالب لأن الغالب في المسلم المصلي عدم تأخير الصلاة عن وقتها لا لأن حالة العمد تحالف حالة النسيان في ذلك ولهذا وقع التقييد بالنسيان في كتب عن الأصحاب من أهل المذاهب ولما صرحوا بحالة العمد صرحوا بأنها كحالة النسيان في هذا الحكم وإن افترقا في الإثم وعدمه وأما كلام ابن أبي موسى فإنما هو فيمن سافر بعد دخول وقت صلاة فسافر قبل فعلها فإن فعلها مع بقاء وقتها قصرها وإلا فلا وهذا هو الرواية الثالثة عن إمامنا في هذه المسألة ولم يذكرها المصنف في شرح الهداية بل حكى عن بعض الحنفية والشافعية والرواية الأخرى في هذه المسألة لا يقصرها مطلقا وهو المشهور والرواية الأخرى يقصرها مطلقا حكاها ابن عقيل وهي قول الأئمة الثلاثة ولهذا قال في المستوعب ومن سافر بعد دخول الوقت لم يجز له قصرها سواء سافر في أول وقتها أو في

    O متابعة المتن
    ومن نوى الإقامة في بلد مدة عشرين صلاة قصر إلا أن يتزوج فيه أو يكون له فيه زوجة أو يكون بلد إقامته وإن نوى مدة إحدى وعشرين.
    __________
    آخره وسواء صلاها في وقتها أو بعد خروجه وعنه إن صلاها في السفر في وقتها جاز لها قصرها وإن لم يصلها حتى خرج وقتها لزمه إتمامها واختارها ابن أبي موسى فمتى لم يبق من الوقت ما يتسع لفعل جميعها أربع ركعات لم يجز له القصر قولا واحدا وهو معنى قول القاضي في الخصال لا يكون قاضيا لها ولا لبعضها وكذا إذا سافر بعد ما بقى من وقتها ما يتسع لفعل جميعها لم يجز له القصر انتهى كلامه.
    وأما اعتبار هذه المسألة بالسفر المحرم فيه نظر ظاهر لأن السفر المحرم سبب للترخص ولا تباح الرخص بالأسباب المحرمة لما فيه من الإعانة على فعل المحرم وأما هنا فليس تأخيره المحرم سببا لرخصة القصر حتى يقال يلزم من القول به ثبوت الرخصة مع تحريم سببها وأكثر ما فيه أنه أتى بها على وجه محرم وهذا لا يمنع رخصة القصر التي وجد سببها كما لو أتى بها بغير أذان ولا إقامة أو منفردا مع قدرته على الجماعة أو غير ذلك من الأمور المحرمة.
    قوله : "ومن نوى الإقامة في بلد".
    يعني يشترط في الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها الإمكان بأن يكون موضع لبث وقرار في العادة فعلى هذا لو نوى الإقامة بموضع لا يمكن لم يضر لأن المانع نية الإقامة في بلده ولم توجد وقال الشيخ وجيه الدين من أصحابنا في شرح الهداية فإن كان لا تتصور الإقامة فيها أصلا كالمفازة ففيه وجهان أحدهما لا يقصر لأنه نوى الإقامة وتعرض للهلاك بقطع السفر والثاني يقصر لأنه لا يمكنه الوفاء بهذه النية للتعذر فلغت وبقي حكم السفر الأول مستداما

    O متابعة المتن
    صلاة فعلى روايتين ومن حبسه عدو أو حاجة ولم ينو إقامة قصر أبدا وللملاح والمكاري والفيج المسافرون بأهليهم دهرهم إذا لم ينووا إقامة ببلد لا يقصرون.
    __________
    قوله : "والفيج".
    قال الشيخ وجيه الدين هو الساعي وقال ابن الأثير في نهايته الفيج هو المسرع في مشيه الذي يحمل الأخبار من بلد إلى بلد والجمع فيوج وهو فارسي معرب وقال ابن عبد القوي وهو الراعي المتنقل وقيل: البريد.
    قوله : "المسافرون بأهليهم دهرهم".
    وقال أبو المعالي بن منجا شرط أبو الخطاب أن يكون معهم أهليهم ولا نية لهم في المقام في مقام يقصدونه وقال القاضي ليس ذلك بشرط بل المعتبر أن لا يكون له وطن يأوي إليه ويقصده وهذا منه يوهم أن المسألة على وجهين وقد يقال ليس كذلك لأن مراد من ذكر الأهل إذا كان له أهل لأنه لا فرق بين السائحين المجردين الذين يتسمون بالفقراء العزاب الذين دأبهم السير في الأرض غير ناوين إقامة ببلد وبين الملاح ونحوه الذين معهم أهلهم وقال ابن عبد القوي أطلق القاضي الحكم ولا بد من تقييده بكونهم يستصحبون أهلهم ومصالحهم وفي كلام الإمام أحمد الإشارة إليه قال ذكر ذلك ابن عقيل في عمد الأدلة.
    وقوله : "إذا لم ينووا إقامة ببلد لا يقصرون" هذا هو مذهب الإمام أحمد المنصوص عنه وهو الذي عليه أصحابه لأنه غير ظاعن عن وطنه وأهله أشبه المقيم ولأنه في حكم المقيم بدليل أن امرأته تعتد عدة الطلاق معه ولأن السفر لا يسقط الصوم وإنما يجوز تأخيره عنه وقضاؤه في غيره لمشقة أدائه فإذا كان الأداء والقضاء في ذلك سواء كان جواز التأخير عن الوقت المعين عبثا فلا يجوز
    وعند أبي حنيفة ومالك والشافعي يجوز لهؤلاء القصر والفطر للعمومات وهي إنما تتناول من له إقامة وسفر فإنه المتبادر إلى الأفهام هذا جواب بعضهم كالمصنف وجواب بعضهم المراد بها الظاعن عن منزله وهذا كأنه يسلم تناولها ويخصصها بما تقدم واختار الشيخ موفق الدين والشيخ وجيه الدين منع الملاح والجواز لغيره لأنه لا يمكنهم استصحاب الأهل ومصالح المنزل في السفر وإن أمكن ففيه زيادة مشقة فهم في هذه الحال أبلغ في استحقاق الترخص بخلاف الملاح وأما أن كان للملاح ونحوه وطن أو منزل يأوون إليه في وقت ترخصوا بلا إشكال.

    ● باب الجمع بين الصلاتين
    يجوز جمع الظهر والعصر وجمع المغرب والعشاء للمسافر المستبيح القصر وللمرضع والمستحاضة ولمن به سلس البول وللمريض إذا وجد مشقة بتركه والجمع في وقت الأولى جائز وهو في وقت الثانية أفضل.
    ويشترط له في وقت الأولى أن ينويه عند افتتاحها ويقدمها على الثانية،
    __________
    قوله : "وهو في وقت الثانية أفضل".
    ظاهره العموم في حق كل من جاز له الجمع ولا يخلو من نظر وفي مسألته خلاف وتفصيل ذكره.
    قوله : "ويشترط له في وقت الأولى أن ينويه عند افتتاحها ويقدمها على الثانية".
    لم أجد في هذه المسألة خلافا مع أن بعض الأصحاب لم يذكر هذا الشرط مع ذكره شروط الجمع وكأنه اكتفى بعموم اشتراطه في باب الأوقات يؤيد هذا أن بعضهم لم يذكره هنا مع أنه جعله أصلا في وجوب ترتيب الفوائت ولا يسقط بالنسيان وهذا مذهب الأئمة الثلاثة قال المصنف في شرح الهداية ولا نعلم فيه مخالفا لأن الثانية لم يدخل وقت وجوبها وإنما جوز فعلها تبعا للأولى

    O متابعة المتن
    وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء فإن صلى بينهما سنة الصلاة بطل الجمع وعنه لا يبطل.
    ويشترط للجمع في وقت الثانية أن ينويه قبل أن يبقى من وقت الأولى بقدرها والترتيب.
    __________
    فإذا لم توجد الأولى لم يكن وجود تابعها وهذا بخلاف ترتيب الفوائت حيث نسقطه بالنسيان لأن الصلاتين هناك قد وجبتا واستقرتا وليس إحداهما: تبعا للأخرى.
    قوله : "وأن لا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء".
    تعتبر الموالاة بينهما لأن حقيقته ضم الشيء ولا يحصل مع التفريق الكثير واليسير لا يمكن التحرز منه أو يعسر جدا فلم يمنع وحكى القاضي أنه يمنع وقد نقل أبو الخطاب في الانتصار على جواز التفريق في الموالاة في الوضوء قال كما في الجمع بين الصلاتين والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف اختاره جماعة منهم الشيخ موفق الدين لأن هذا شأن ما لم يرد الشرع بتقديره وقدره بعضهم بقدر الإقامة والوضوء.
    قال المصنف في شرح الهداية مرد كثرة التفريق العرف والعادة وإنما قرب تحديده بالإقامة والوضوء لأن الإقامة هذا محلها والوضوء قد يحتاج إليه فيه وهما من مصالح الصلاة ولا تدعو الحاجة غالبا إلى غير ذلك ولا إلى تفريق أكثر منه وهذا إذا كان الوضوء خفيفا فأما من طال وضوءه بأن يكون الماء منه على بعد بحيث يطول الزمان فإنه يبطل جمعه.
    قوله : "والترتيب" ظاهره أن الترتيب هنا كالترتيب إذا جمع في وقت الأولى وجعل في الكافي الترتيب بين المجموعتين أصلا لمن قال بعدم سقوط الترتيب في قضاء الفوائت وكذلك في المغني وكذلك أبو المعالي في شرح الهداية.

    O متابعة المتن
    ولا تشترط الموالاة على الأصح وقال أبو بكر لا يشترط للجمع ولا للقصر نية ويجوز الجمع للمطر الذي يبل الثياب ليلا ولا يجوز نهارا وعنه يجوز،
    __________
    وهذا ظاهر كلام جماعة من الأصحاب وهذا يدل على أن المذهب أنه لا يسقط بالنسيان وفي الرعاية قال لا يسقط بالنسيان في الأصح لأن النسيان هنا لا يتحقق لأنه لا بد من نية الجمع بينهما فلا يمكن ذلك مع نسيان أحدهما ولأن اجتماع الجماعة يمنع النسيان إذ لا يكاد الجماعة ينسون الأولى.
    وقال المصنف في شرح الهداية: والترتيب معتبر هنا لكن بشرط الذكر كترتيب الفوائت لأن الصلاتين قد استقرتا في الذمة واجبتين فلذلك سقط بينهما بالنسيان كالفائتتين بخلاف الجمع بينهما في وقت الأولى ووافقنا على ذلك أبو حنيفة وإسحاق ومذهب الشافعي أن الترتيب هنا لا يجب كمذهبه في الفوائت ولأصحابه وأصحابنا وجه باعتبار هذا مطلقا وفائدته أنه متى أخل به بطل حكم الجمع ووقعت الظهر قضاء عندهم وكذلك عندنا إذا كان ناسيا حتى لو كان ناسيا خرج في صحتها الخلاف في قصر الفائتة وكذا ذكر غيره هذا التفريع عن الشافعي وينشأ عليه اشتراط نية القضاء والأداء قاله ابن عبد القوي.
    قال المصنف وهل يشترط الترتيب هنا بضيق وقت الثانية بأن يبقى من وقت الثانية مالا يتسع إلا لواحدة منهما قال القاضي في المجرد يسقط كسقوطه في الفائتة مع المؤداة وذكر في تعليقه أنه لا يسقط.
    قال المصنف في الصحيح عندي لأنه لا يستفيد بتركه فائدة لأن وقت الثانية وقت للمجموعتين أداء لا قضاء فأيتهما بدأ بها وقعت أداء والأخرى قضاء.
    وعكسه الحاضرة مع الفائتة فإنه لو رتب لصارتا قضاء ويمكن الاعتذار عنه بأنهما وإن كانتا فيه أداء إلا أن الثانية أخص بوقتها من الأولى.
    قوله : "ولا تشرط الموالاة على الأصح".

    O متابعة المتن
    فإن جمع في وقت الأولى اعتبر وجود المطر في طرفيها ومع افتتاح الثانية وإن جمع له في وقت الثانية جاز وإن كان قد انقطع.
    وهل يجوز الجمع للوحل أو الريح الشديدة الباردة أو لمن يصلي حيث لا يناله المطر ولا الوحل على وجهين.
    __________
    وكذا صححه غيره كالفائتتين فعلى هذا إذا فرق صلاهما بأذانين وإقامتين كالفائتتين إذا فرقهما قطع به جماعة من الأصحاب وجماعة لم يفرقوا كما هو معروف في موضعه وقال أبو حنيفة وصاحباه في صلاتي مزدلفة بأذان وإقامتين لأن الأذان للوقت والإقامة للإعلام بالفعل وهو وقت واحد وفعلان وينتقض هذا عندهم بصلاتي عرفة إذا فرقهما.
    ووجه اشتراط الموالاة مقصود الجمع بالتفريق الفاحش ولم يحصل إلا بعزيمة فوجب المنع منه كما يمتنع المسافر أن يصوم في رمضان عن غيره فعلى هذا إن فرق عمدا أثم وكانت الأولى قضاء وإن لم يتعمد لم يؤثر ذلك في فسادها ولا في فساد الثانية كما لو صلى الأولى في وقتها مع نية الجمع ثم تركه فإنه تصح لكن لو كانت مقصورة خرج فيها الخلاف في قصر الفائتة.
    ● [ لكتاب الصلاة بقية ] ●

    كتاب الصلاة [ 5 ] Fasel10

    كتاب: المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل
    المؤلف: عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية الحراني
    منتدى ميراث الرسول - البوابة
    كتاب الصلاة [ 5 ] E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 4:59