منتدى غذاؤك دواؤك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج

    avatar
    غذاؤك
    Admin


    عدد المساهمات : 2100
    تاريخ التسجيل : 12/11/2013

    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج Empty تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج

    مُساهمة من طرف غذاؤك الجمعة 23 ديسمبر 2016 - 15:35

    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج Farg10

    بّسم الله الرّحمن الرّحيم
    مكتبة الأسرة
    الفرج بعد الشدة
    تابع الباب الثاني
    ما جاء في الآثار من ذكر الفرج بعد البلاء
    وما يتوصل به إلى كشف نازل الشدة والبلاء
    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج 1410
    ● [ دعاء داود عليه السلام ] ●

    قال ابن أبي الدنيا، قال حدثنا أبو نصر التمار، قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي، قال: قال داود عليه السلام: سبحان الله مستخرج الدعاء بالبلاء، سبحان الله مستخرج الشكر بالرخاء.

    ● [ ما أقرب النعيم من البؤس ] ●

    حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي، قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار العطار، قال: حدثنا أبو عبد الصمد العمي، قال: سمعت مالك بن دينار، يقول في مرضه، وهو من آخر كلام سمعته يتكلم به: ما أقرب النعيم من البؤس، يعقبان، ويوشكان زوالاً.

    ● [ عبيدك بفنائك ] ●

    حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثني عبد الله بن محمد التميمي، قال: حدثنا شيخ مولى لعبد القيس، عن طاووس، قال: إني لفي الحجر ذات ليلة، إذ دخل علي بن الحسين عليهما السلام، فقلت: رجل صالح من أهل بيت الخير، لأستمعن إلى دعائه الليلة، فصلى، ثم سجد، فأصغيت بسمعي إليه، فسمعته يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك.
    قال طاووس: فحفظتهن، فما دعوت بهن في كرب، إلا فرج الله عني.

    ● [ ذبح عجلاً بين يدي أمه فخبل ] ●

    حدثنا إبراهيم بن محمد الأنصاري، بالموصل، بحضر عضد الدولة، قال: أنبأنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي القاضي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن حبان الأنصاري، البصريان، قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل التبوذكي، قال: حدثني حماد بن سلمة. قال: حدثنا أبو عمران الجوفي عن نوف البكالي: أن نبياً أو صديقاً ذبح عجلاً بين يدي أمه، فخبل، فبينما هو كذلك ذات يوم، تحت شجرة فيها وكر طير، إذ وقع فرخ طائر في الأرض، وتغبر في التراب، فأتاه الطائر، فجعل يطير فوق رأسه، فأخذ النبي أو الصديق الفرخ، فمسحه من التراب، وأعاده في وكره، فرد الله عز وجل عليه عقله.

    ● [ الغمرات ثم ينجلين ] ●

    أخبرني أبي، قال: حدثنا حرمي بن أبي العلاء، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: وحدثني أحمد بن عبد الله بن أحمد الوراق، قال: حدثنا أحمد ابن سليمان الطوسي، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: أخبرني عثمان بن سليمان، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يوماً لجلسائه، وفيهم عمرو بن العاص: ما أحسن شيء، فقال: كل رجل برأيه؛ وعمرو ساكت.
    فقال: ما تقول يا عمرو، قال: الغمرات ثم ينجلين.

    ● [ طول الغمة يطمع في انقضائها ] ●

    كتب سعيد بن حصيد، إلى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، كتاباً من الاستتار، قال فيه: وأرجو أن يكشف الله، بالأمير أعزه الله، هذه الغمة الطويل مداها، البعيد منتهاها، فإن طولها، قد أطمع في انقضائها، وتراخي أيامها، قد سهل سبيل الأمل لفنائها.
    رقعة أبي الفرج الببغاء إلى القاضي التنوخي مؤلف الكتاب يتوجع له في محنته
    قال مؤلف هذا الكتاب: ولحقتني محنة غليظة من السلطان، فكتب إلي أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الكاتب الشاعر النصيبي، المعروف بالببغاء، رقعة، يتوجع لي فيها، نسختها:
    بسم الله الرحمن الرحيم، مدد النعم - أطال الله بقاء سيدنا القاضي - بغفلات المسار وإن طالت، أحلام، وساعات المحن، وإن قصرت بشوائب الهم، أعوام، وأحظانا بالمواهب، من ارتبطها بالشكر، وأنهضنا بأعباء المصائب، من قاومها بعدد الصبر، إذ كان أولها بالعظة مذكراً، وآخرها بمضمون الفرج مبشراً، وإنما يتعسف ظلم الفتنة، ويتمسك بتفريط العجز، ضال الحكمة، من كان بسنة الغفلة مغموراً، وبضعف المنة والرأي مقهوراً، وفي انتهاز فرص الحزم مفرطاً، ولمرصي ما اختاره الله تعالى فيه متسخطاً.
    وسيدنا القاضي - أدام الله تأييده - أنور بصيرةً، وأطهر سريرةً، وأكمل حزماً، وأنفذ مضاءً وعزماً، من أن يتسلط الشك على يقينه أو يقدح اعتراض الشبه في مروءته ودينه، فيلقى ما اعتمده الله من طارق القضاء المحتوم، بغير واجبه من فرض الرضا والتسليم، ومع ذلك فإنما تعظم المحنة إذا تجاوزت، وضعف التنبيه من الله جل ذكره إلى واجب العقوبة، ويصير مجيء السلطان- أدام الله عزه- بها، وجوب الحجة، وشغلت الألسن عن محمود الثناء منها بمذموم اللائمة، فإذا خلت من هذه الصفات المليمة، والشوائب المذمومة، كانت- وإن راع ظاهرها- بصفات النعم أولى، وبأسماء المنح أحق وأحرى، ومتى أعمل ذو الفهم الثاقب، والفكر الصائب، مثله أعزه الله، بكامل عقله، وزائد فضله، فيما يسامح به الدنيا من مرتجع هباتها، وتمد له من خدع لذاتها، علم أن أسعد أهلها فيها ببلوغ الآمال، أقربهم فيما خوله من التغير والانتقال، فصفاؤها مشوب بالكدر، وأمنها مروع بالحذر، لأن انتهاء الشيء إلى حده، ناقل له عما كان عليه إلى ضده، فتكاد المحنة، بهذه القاعدة، لاقترانها من الفرج بفسيح الرجاء، وانتهاء الشدة منها إلى مستجد الرخاء، أن تكون أحق بأسماء النعم، وأدخل في أسباب المواهب والقسم، وبالحقيقة، فكل وارد من الله تعالى على العبد، وإن جهل مواقع الحكم منه، وساءه استتار عواقب الخيرة بمفارقة ما نقل عنه، غير خال من مصلحة، بتقديم عاجل، وادخار آجل. وهذا وصف ما ذكر الله به سيدنا القاضي - أدام الله تأييده - إذ كان للمثوبة مفيداً، وللفرج ضامناً، وبالحظ مبشراً، وإلى المسرة مؤدياً، وبأفضل ما عوده الله جل اسمه عائداً، وهو - أدام الله كفايته - يتنجز ذلك بمستحكم الثقة، ووجاهة الدعاء والرغبة، ووسائط الصبر والمعونة، ولعله أن يكون إليه أقرب من ورود رقعتي هذه عليه، بقدرة الله ومشيئته، ولولا الخوف من الإطالة، والتعرض للإضجار والملالة، بإخراج هذه الرقعة عن مذهب الرقاع، وإدخالها بذكر ما نطق به نص الكتاب، من ضمان اليسر بعد العسر، وما وردت به في هذا المعنى، الأمثال السائرة، والأشعار المتناقلة، في جمة الرسائل وحيز المصنفات، لأودعتها نبذاً من ذلك، لكني آثرت أن لا أعدل بها عما افتتحتها به، واستخدمتها له، مقتصراً على استغناء سيدنا القاضي - أدام الله تأييده - عن ذلك، بمرشد حفظه، ووفور فضله، ومأثور نباهته ونبله، والله يبلغه ويبلغنا فيه نهاية الآمال، ولا يخليه، في طول البقاء، من مواد السعادة والإقبال، إن شاء الله تعالى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

    ● [ حسن الظن بالله أقرب إلى الفرج ] ●

    قال بعض الصالحين: استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل، في كشفها، فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج.

    ● [ الصبر على قدر البلاء ] ●

    وروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه قال: أفضل عمل الممتحنين، انتظار الفرج من الله عز وجل، والصبر على قدر البلاء.
    وعنه: الصبر كفيل بالنجاح، والمتوكل لا يخيب ظنه.

    ● [ قد ينجلي المكروب عما يسر ] ●

    وكان يقال: العاقل لا يذل بأول نكبة، ولا يفرج بأول نعمة، فربما أقلع المحبوب عما يضر، وأجلى المكروه عما يسر.
    شكا عبد الله بن طاهر، إلى سليمان بن يحيى بن معاذ كاتبه، بلاء خافه وتوقعه.
    فقال له: أيها الأمير، لا يغلبن على قلبك، إذا اغتممت، ما تكره دون ما تحب، فلعل العاقبة تكون بما تحب، وتوفي ما تكره، فتكون كمن يستسلف الغم والخوف.
    قال: أما أنك قد فرجت عني ما أنا فيه.

    ● [ لماذا أصبح الاستغفار سنة في الاستسقاء ] ●

    بلغني أن الناس قحطوا بالمدينة، في سنة من خلافة عمر بن الخطاب، فخرج بهم مستسقياً، فكان أكثر قوله الاستغفار.
    فقيل له: يا أمير المؤمنين، لو دعوت.
    فقال: أما سمعتم قوله عز وجل ( استغفروا ربّكم، إنّه كان غفّاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً ).
    فصار الاستكثار من الاستغفار في الاستسقاء سنة إلى اليوم.

    ● [ أقوال الحكماء في الصبر ] ●

    يحكى عن أنوشروان، أنه قال: جميع المكاره في الدنيا، تنقسم على ضربين، فضرب فيه حيلة، فالاضطراب دواؤه، وضرب لا حيلة فيه، فالاصطبار شفاؤه.
    كان بعض الحكماء يقول: الحيلة فيما لا حيلة فيه، الصبر.
    وكان يقال: من اتبع الصبر، اتبعه النصر.
    ومن الأمثال السائرة: الصبر مفتاح الفرج، من صبر قدر، ثمرة الصبر الظفر، عند اشتداد البلاء يأتي الرخاء.
    وكان يقال: تضايقي تنفرجي.
    وكان يقال: إذا اشتد الخناق انقطع.
    وكان يقال: خف المضار، من خلل المسار، وارج النفع، من موضع المنع، واحرص على الحياة، بطلب الموت، فكم من بقاء سببه استدعاء الفناء، ومن فناء سببه إيثار البقاء، وأكثر ما يأتي الأمن من قبل الفزع.
    والعرب تقول: إن في الشر خياراً.
    وقال الأصمعي: معناه، أن بعض الشر أهون من بعض.
    وقال أبو عبيدة: معناه، إذا أصابتك مصيبة، فاعلم أنه قد يكون أجل منها، فلتهن عليك مصيبتك.
    قال بعض الحكماء: عواقب الأمور، تتشابه في الغيوب، فرب محبوب في مكروه، ومكروه في محبوب، وكم مغبوط بنعمة هي داؤه، ومرحوم من داء هو شفاؤه.
    وكان يقال: رب خير من شر، ونفع من ضر.
    وروي أن أمير المؤمنين علياً قال: يا ابن آدم، لا تحمل هم يومك الذي لم يأت، على يومك الذي أتى، فإنه إن يكن في عمرك، يأتك الله فيه بمحبتك، واعلم أنك لن تكسب شيئاً سوى قوتك، إلا كنت فيه خازناً لغيرك بعد موتك.
    وقال وداعة السهمي، في كلام له: اصبر على الشر إن قدحك، فربما أجلى عما يفرحك، وتحت الرغوة اللبن الصريح.
    شريح القاضي يحمد الله على المصيبة أربع مرات
    قال شريح: إني لأصاب بالمصيبة، فأحمد الله عز وجل عليها أربع مرات، أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي، وأحمده إذ رزقني الصبر عليها، وأحمده إذ وفقني للاسترجاع، لما أرجو فيه من الثواب، وأحمده إذ لم يجعلها في ديني.
    من ساعة إلى ساعة فرج
    ويشبه هذا ما روي عن بزرجمهر بن البختكان الحكيم، الذي كان وزير أنوشروان، فإنه حبسه عند غضبه، في بيت كالقبر ظلمة وضيقاً، وصفده بالحديد، وألبسه الخشن من الصوف، وأمر أن لا يزاد كل يوم، على قرصين خبزاً شعيراً، وكف ملح جريش، ودورق ماء، وأن تحصى ألفاظه، فتنقل إليه، فأقام بزرجمهر شهوراً، لا تسمع له لفظة.
    فقال أنوشروان: أدخلوا إليه أصحابه، ومروهم أن يسألوه، ويفاتحوه في الكلام، واسمعوا ما يجري بينهم، وعرفونيه.
    فدخل إليه جماعة من المختصين- كانوا- به، فقالوا له: أيها الحكيم، نراك في هذا الضيق، والحديد، والصوف، والشدة التي وقعت فيها، ومع هذا، فإن سحنة وجهك، وصحة جسمك، على حالهما، لم تتغيرا، فما السبب في ذلك.
    فقال: إني عملت جوارشاً من ستة أخلاط، آخذ منه كل يوم شيئاً، فهو الذي أبقاني على ما ترون.
    قالوا: فصفه لنا، فعسى أن نبتلى بمثل بلواك، أو أحد من إخواننا، فنستعمله ونصفه له.
    قال: الخلط الأول: الثقة بالله عز وجل، والخلط الثاني: علمي بأن كل مقدر كائن، والخلط الثالث: الصبر خير ما استعمله الممتحنون، والخلط الرابع: إن لم أصبر أنا فأي شيء أعمل، ولم أعين على نفسي بالجزع، والخلط الخامس: قد يمكن أن أكون في شر مما أنا فيه، والخلط السادس: من ساعة إلى ساعة فرج.
    قال: فبلغ كسرى كلامه، فعفا عنه.

    ●[ يأتي الله بالفرج عند انقطاع الأمل واستبهام الحيل ]●

    فصل لبعض كتاب زماننا، وهو علي بن نصر بن علي الطبيب: وكما أن لله جل وعلا يأتي بالمحبوب، من الوجه الذي قدر ورود المكروه منه، ويفتح بفرج، عند انقطاع الأمل، واستبهام وجوه الحيل، ليحض سائر خلقه، بما يريهم من تمام قدرته، على صف الرجاء إليه، وإخلاص آمالهم في التوكل عليه، وأن لا يزووا وجوههم في وقت من الأوقات عن توقع الروح من، فلا يعدلوا بآمالهم على أي حال من الحالات، عن انتظار فرج يصدر عنه، وكذلك أيضاً، يسهم فيما ساءهم، بأن كفاهم بمحنة يسيرة، ما هو أعظم منها، وافتداهم بملمة سهلة، مما كان أنكى فيهم لو لحقهم.
    قال إسحاق العابد: ربما امتحن الله العبد، بمحنة يخلصه بها من الهلكة، فتكون تلك المحنة، أجل نعمة.
    قال: وسمعت، أن من احتمل المحنة، ورضي بتدبير الله تعالى في النكبة، وصبر على الشدة، كشف له عن منفعتها، حتى يقف على المستور عنه من مصلحتها.
    وقال عبد الله بن المعتز: ما أوطأ راحلة الواثق بالله، وآنس مثوى المطيع لله.
    قال إسحاق: احذر الضجر، إذا أصابتك أسنة المحن، وأعراض الفتن، فإن الطريق المؤدي إلى النجاة صعب المسلك.
    قال بزرجمهر: انتظار الفرج بالصبر، يعقب الاغتباط.

    ● [ حسن الظن بالله لا يخيب ] ●

    فصل آخر، لبعض كتاب زماننا، وهو علي بن نصر بن بشر الطبيب: كما أن الرجاء مادة الصبر، والمعين عليه، فكذلك علة الرجاء ومادته، حسن الظن بالله، الذي لا يجوز أن يخيب، فإنا قد نستقري الكرماء، فنجدهم يرفعون من أحسن ظنه بهم، ويتحوبون من تخييب أمله فيهم، ويتحرجون من إخفاق رجاء من قصدهم، فكيف بأكرم الأكرمين، الذي لا يعوزه أن يمنح مؤمليه، ما يزيد على أمانيهم فيه، وأعدل الشواهد بمحبة الله جل ذكره، لتمسك عبده برحابه، وانتظار الروح من ظله ومآبه، أن الإنسان لا يأتيه الفرج ولا تدركه النجاة، إلا بعد إخفاق أمله في كل ما كان يتوجه نحوه بأمله ورغبته، وعند انغلاق مطالبه، وعجز حيلته، وتناهي ضره ومحنته، ليكون ذلك باعثاً له على صرف رجائه أبداً إلى الله عز وجل، وزاجرا له على تجاوز حسن ظنه به.

    ● [ يدرك الصبور أحمد الأمور ] ●

    وروي عن عبد الله بن مسعود: الفرج والروح، في اليقين والرضا، والهم والحزن، في الشك والسخط.
    وكان يقول: الصبور، يدرك أحمد الأمور.
    قال أبان بن تغلب: سمعت أعرابياً يقول: من أفضل آداب الرجال، أنه إذا نزلت بأحدهم جائحة، استعمل الصبر عليها، وألهم نفسه الرجاء لزوالها، حتى كأنه لصبره يعاين الخلاص منها والغناء، توكلاً على الله عز وجل، وحسن ظن به، فمتى لزم هذه الصفة، لم يلبث أن يقضي الله حاجته، ويزيل كربته، وينجح طلبته، ومعه دينه وعرضه ومروءته.

    ●[ رب حياة سببها طلب الموت وموت سببه طلب الحياة ]●

    روى الأصمعي، عن أعرابي، أنه قال: خف الشر من موضع الخير، وارج الخير من موضع الشر، فرب حياة سببها طلب الموت، وموت سببه طلب الحياة، وأكثر ما يأتي الأمن من ناحية الخوف.
    قال مؤلف هذا الكتاب: ما أقرب هذا الكلام، من قول قطري بن الفجاءة، الخارجي، ذكره أبو تمام الطائي، في كتابه المعروف بالحماسة:
    لا يركنن أحد إلى الإحجام ● يوم الـوغى متخوّفـاً لِحمام
    فلـقد أراني للرماح دريئة ● من عن يميني مرّة وأمامي
    حتى خضبتُ بما تحدّر من دمي ● أحناء سرجي أو عنان لجامي
    ثم انصرفت وقد أَصبتُ لوم أُصب ● جذع البصير قارح الإقـدام
    فهذا من أحب الموت، طلباً لحياة الذكر.
    وقد أفصح بهذا الحصين بن الحمام المري، حيث يقول:
    تأخرّت أستبقي الحياة فلم أجد ● لنفسي حـياة مـثـل أن أتـقـدّمـا
    وهذا كثير متسع، وليس هو مما نحن فيه بسبيل، فنستوعبه ونستوفيه، ولكن الحديث ذو شجون، والشيء بالشيء يذكر، ونعود إلى ما كنا فيه.

    ● [ أقوال في تهوين المصائب ] ●

    قال بعض عقلاء التجار: ما أصغر المصيبة بالأرباح، إذا عادت بسلامة الأرواح.
    وكأنه من قول العرب: إن تسلم الجلة فالسخل هدر.
    ومن كلامهم: لا تيأس أرض من عمران، وإن جفاها الزمان.
    والعامة تقول: نهر جرى فيه الماء، لا بد أن يعود إليه.
    وقال تيمسطوس: لم يتفاضل أهل العقول والدين، إلا في استعمال الفضل في حال القدرة والنعمة، وابتذال الصبر في حال الشدة والمحنة.
    وقال بعض الحكماء: العاقل يتعزى فيما نزل به من المكروه بأمرين، أحدهما السرور بما بقي له، والآخر رجاء الفرج مما نزل به، والجاهل يجزع في محنته بأمرين، أحدهما استكثار ما أدي إليه، والآخر تخوفه مما هو أشد منه.

    ● [ كلمات في الصبر على المحنة ] ●

    وكان يقال: المحن آداب الله عز وجل لخلقه، وتأديب الله بفتح القلوب، والأسماع، والأبصار.
    ووصف الحسن بن سهل، المحن، فقال: فيها تمحيص من الذنب، وتنبيه من الغفلة، وتعرض للثواب بالصبر، وتذكير بالنعمة، واستدعاء للمثوبة، وفي نظر الله عز وجل وقضائه الخيار.
    وبلغني هذا الخبر على وجه آخر: قرىء على أبي بكر الصولي، وأنا حاضر أسمع، بالبصرة في سنة خمس وثلاثين وثلثمائة، في كتابه كتاب الوزراء: حدثكم أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل، قال:
    سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول الكاتب، يصف الفضل بن سهل، ويذكر تقدمه، وعلمه، وكرمه، وكان مما حدثني به: أنه برىء من علة كان فيها، فجلس للناس، وهنوه بالعافية، فلما فرغ الناس من كلامهم، قال الفضل: إن في العلل لنعماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها: تمحيص للذنب، وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للمثوبة، وحض على الصدقة، وفي قضاء الله وقدره بعد، الخيار.

    ● [ إنما يبتلى الصالحون ] ●

    وكتب محمد بن الحنفية، إلى عبد الله بن عباس، حين سيره ابن الزبير عن مكة، إلى الطائف: أما بعد، فإنه بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف، فأحدث الله عز وجل لك بذلك أجراً، وحط به عنك وزراً، يا ابن عم، إنما يبتلى الصالحون، وتعد الكرامة للأخيار، ولو لم تؤجر إلا فيما تحب، لقل الأجر، وقد قال الله تعالى: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرّ لكم ) عزم الله لنا ولك، بالصبر على البلاء، والشكر على النعماء، ولا أشمت بنا وبك الأعداء، والسلام.

    ● [ النعمة والعافية تبطران الإنسان ] ●

    وكتب بعض الكتاب إلى صديق له في محنة لحقته: إن الله تعالى ليمتحن العبد، ليكثر التواضع له، والاستعانة به، ويجدد الشكر على ما يوليه من كفايته، ويأخذ بيده في شدته، لن دوام النعم والعافية، يبطران الإنسان، حتى يعجب بنفسه، ويعدل عن ذكر ربه، وقد قال الشاعر:
    لا يتـرك الله عبداً لـيس يذكره ● ممن يؤدّبه أو من يؤنّبه
    أو نعمة تقتضي شكراً يدوم له ● أو نقمة حين ينسى الشكر تنكبه

    ●[ كلمات في الشكر على العافية والصبر على الشدة ]●

    وقال الحسن البصري: الخير الذي لا شر فيه، هو الشكر مع العافية، والصبر عند المحنة، فكم من منعم عليه غير شاكر، وكم مبتلى بمحنة وهو غير صابر.
    وقال أبو الحسن المدائني، في كتابه كتاب الفرج بعد الضدة والضيقة: كان ابن شبرمة إذا نزلت به شدة، يقول: سحابة ثم تنقشع.
    وقال في كتابه هذا، عن جعفر بن سليمان الهاشمي، قال: قال بعض الحكماء: آخر الهم، أول الفرج، وكان جعفر يقول: قد وجدناه كذلك.
    وقد ذكر هذا الخبر القاضي أبو الحسين، في كتابه كتاب الفرج بعد الشدة عن المدائني، هكذا.
    وذكر أبو الحسين القاضي في كتابه كتاب الفرج بعد الشدة، فقال: حدثني بعض أصحابنا، قال: حدثني الحسن بن مكرم، قال: حدثني ابن أبي عدي، عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: لأن أكون في شدة، أتوقع بعدها رخاء، أحب إلي من أن أكون في رخاء، أتوقع بعده شدة.

    ● [ لو كان العسر في كوة لجاء يسران فأخرجاه ] ●

    وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، بغير إسناد، أنه قال: لو كان العسر في كوة، لجاء يسران، فأخرجاه.
    قال مؤلف هذا الكتاب: كان لي في هذا الحديث، خبر طريف، وذلك أني كنت قد لجأت إلى البطيحة، هارباً من نكبة لحقتني، واعتصمت بأميرها معين الدولة أبي الحسين عمران بن شاهين السلمي - على ما كان يقول رحمه الله - فألفيت هناك جماعة من معارفي، بالبصرة وواسط، خائفين على نفوسهم، قد هربوا من ابن بقية، الذي كان في ذلك الوقت وزيراً، ولجأوا إلى البطيحة، فكنا نجتمع في المسجد الجامع بشقشى الذي بناه معز الدولة أبو الحسين، فنتشاكى أحوالنا، ونتمنى الفرج مما نحن فيه من الخوف والشدة والشقاء.
    فقال لي أبو الحسن محمد بن عبد الله بن جيشان الصلحي التاجر، وكان هذا في يوم الجمعة لتسع ليال خلون من جمادى الأولى سنة خمس وستين وثلثمائة: حدثني في هذا اليوم أبو محمد الحسن بن محمد بن عثمان بن قنيف، وكان أحد خلفاء الحجاب في دار المقتدر بالله، وهو شيخ مشهور، ملازم الآن خدمة معين الدولة، قال: حدثنا أبو القاسم بن بنت منيع، قال: حدثنا أبو نصر التمار، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دخل العسر كوة، جاء يسران فأخرجاه.
    فلما سمعت ذلك، قلت بديهاً:
    إنّا روينا عن النـبـي رسـول الـ ● ـله فـيما أفـيد من أدبه
    لو دخل العسر كوّة لأني يسـ ● ،ران فاستخرجاه من ثقبه
    فما مضى على هذا المجلس، إلا أربعة أشهر، حتى فرج الله تعالى عني، وعن كثير ممن حضر ذلك المجلس، من الممتحنين، وردنا إلى عوائده عندنا، فله الحمد والشكر.
    وجدت هذا الخبر على غير هذا، فقد حدثنا به- من أصل كتابه- جعفر بن أبي طالب ابن البهلول، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثني علي بن الجعد، قال: أنبأنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عمن حدثه عن عبد الله بن مسعود، قال: لو أن العسر دخل في جحر، لجاء اليسر حتى يدخل معه، قال الله تعالى: ( فإنّ مع العسر يسراً إنّ مع العسر يسراً ).
    وحدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا ابن الجراح، قال: حدثنا ابن أبي الدنيا، قال: حدثنا علي بن الجعد، فذكر نحوه بإسناده.
    وأخبرني أبي: قال: قال جعفر بن محمد بن عيينة، حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا حميد بن حماد، قال: حدثنا عائذ بن شريح، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينظر إلى حجر بحيال وجهه، فقال: لو جاءت العسرة حتى تدخل تحت هذا الحجر، لجاءت اليسرة حتى تخرجها. فأنزل الله تعالى: ( فإنّ مع العسر يسراً، إنّ مع العسر يسراً ).

    ● [ كلمات في انفراج المحن ] ●

    وذكر القاضي أبو الحسين، في كتابه كتاب الفرج بعد الشدة، بغير إسناد: أن علياً رضى الله عنه، قال: عند تناهي الشدة، تكون الفرجة، وعند تضايق البلاء، يكون الرخاء، ومع العسر، يكون اليسر.
    وذكر عنه رضى الله عنه، أنه قال: ما أبالي بالعسر رميت، أو باليسر، لأن حق الله تعالى في العسر الرضا والصبر، وفي اليسر الحمد والشكر.
    قال مؤلف هذا الكتاب: حدثني بعض الشيعة، بغير إسناد، قال: قصد أعرابي أمير المؤمنين علياً رضى الله عنه، فقال: إني ممتحن، فعلمني شيئاً أنتفع به.
    فقال: يا أعرابي إن للمحن أوقاتاً، ولها غايات، فاجتهاد العبد في محنته، قبل إزالة الله تعالى إياها، زيادة فيها، يقول الله عز وجل: ( إن أرادني الله بضرّ، هل هنّ كاشفات ضرّه، أو أرادني برحمة، هل هنّ ممسكات رحمته، قل حسبي اللّه، عليه يتوكّل المتوكّلون )، ولكن، استعن بالله، واصبر، وأكثر من الاستغفار، فإن الله عز وجل وعد الصابرين خيراً، وقال: ( استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنّات، ويجعل لكم أنهاراً )، فانصرف الرجل.
    فقال على رضى الله عنه:
    إذا لم يكن عون من اللّه للفتى ● فأوّل ما يجني عليه اجتهاده

    ● [ الوزير المهلبي يجيئه الغياث من الله تعالى ] ●

    حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي، في وزارته، قال: كنت في وقت من الأوقات- يعني في أول أمره- قد دفعت إلى شدة شديدة، وخوف عظيم، لا حيلة لي فيهما، فأقمت يومي قلقاً، وهجم الليل، فلم أعرف الغمض، فلجأت إلى الصلاة والدعاء، وأقبلت على البكاء في سجودي، والتضرع، ومسألة الله عز وجل، تعجيل الفرج لي، وأصبحت من غد، على قريب من حالي، إلا أني قد سكنت قليلاً، فلم ينسلخ اليوم حتى جاءني الغياث من الله تعالى، وفرج عني ما كنت فيه، على أفضل ما أردت، فقلت:
    بعثت إلـى رب العـطايا رسـالة ● توسّل لي فيهـا دعاءٌ مناصح
    فجاء جـوابٌ بـالإجـابة وانجلت ● بها كرب ضاقت بهنّ الجوانح

    ● [ عند تناهي الشدة تكون الفرجة ] ●

    أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى، قال: حدثنا ابن دريد، قال: أخبرنا السكن بن سعيد عن محمد بن عباد عن ابن الكلبي عن أبيه قال: كان عمرو بن أحيحة الأوسي يقول: عند تناهي الشدة، تكون الفرجة، وعند تضايق البلاء، يكون الرخاء، ولا أبالي أي الأمرين نزل بي عسر أم يسر، لأن كل واحد منهما يزول بصاحبه.
    المنصور العباسي يحول بين الإمام الصادق وبين الحج
    أخبرني أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي، خليفة أبي على القضاء بها، قال: حدثنا محمد بن العباس اليزيدي، قال: حدثني عمي الفضل بن محمد اليزيدي، قال: أراد جعفر بن محمد الحج، فمنعه المنصور، فقال: الحمد لله الكافي، سبحان الله الأعلى، حسبي الله وكفى، ليس من الله منجى، ما شاء الله قضى، ليس وراء الله منتهى، توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا وهو آخذ بناصيتها، إن ربي على سراط مستقيم، اللهم إن هذا عبد من عبيدك، خلقته كما خلقتني، ليس له علي فضل، إلا ما فضلته علي به، فاكفني شره، وارزقني خيره، واقدح لي في قلبه المحبة، واصرف عني أذاه، لا إله إلا أنت، سبحان الله رب العرش العظيم، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم كثيراً.
    قال: فأذن له المنصور في الحج.

    ● [ تم الباب الثانى ] ●

    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج Fasel10

    مُختصر كتاب الفرج بعد الشدة
    تأليف : القاضي التنوخي
    مجلة توتة وحدوتة الإلكترونية . البوابة

    تابع الباب الثاني: ما جاء في الآثار من ذكر الفرج E110


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 4:18