
بّسم الله الرّحمن الرّحيم
مكتبة الثقافة الأدبية
طرائف الظرفاء وحكايات الفطناء

● [ مقدمة الكتاب ] ●
بسم الله الرحمن الرحيم
عونك اللهم الحمد لله الذي قسم الأذهان فأكثر وأقل ، وصلواته على محمد أشرف نبي أرشد ودل ، وعلى أصحابه وأتباعه ما أطل سحاب فطل وبل
أما بعد ؛ فلما كانت النفس تمل من الجد ، لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به
● كان الزهري يقول : هاتوا من أشعاركم، هاتوا من طرفكم، أفيضوا في بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم
● وقد كان شعبة يحدث الناس ، فإذا تلمح أبا زيد النحوي في أخريات الناس ، قال : يا أبا زيد !
استعجمت دار نعم ما تكلمنا ● والدار لو كلمتنا ذات أخبار
● وقال حماد بن سلمة : لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم
● عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا الرجال
● قال قبيصة : كان سفيان مزاحا ، ولقد كنت أجيء إليه مع القوم فأتأخر خلفهم مخافة أن يحيرني بمزاحه
● قال سفيان بن عيينة : أتينا مرة مسعر بن كدام ، فوجدناه يصلي ، فأطال الصلاة جدا ، ثم التفت إلينا متبسما ، فأنشدنا :
ألا تلك عزة قد أقبلت ● ترفع نحوي طرفا غضيضا
تقول مرضنا فما عدتنا ● وكيف يعود مريض مريضا
قال : فقلت : رحمك الله ، بعد هذه الصلاة هذا ! قال : نعم ! مرة هكذا ومرة هكذا
● قلت : وقد بلغني عن جماعة من الفطناء والظرفاء حكايات تدل على قوة فهومهم ، فسماعها يشحذ الذهن ، وينبه الفهم ، فأحببت أن أذكر منها طرفا
● وبلغني عن جماعة من المجون ما يتفرج فيه
ومعنى المجون : صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر ، وذلك يدل على قوة الفطنة
فكتبت من ذلك في هذا الكتاب طرفا
وقد قسمته ثلاثة أبواب :
الباب الأول : فيما ذكر عن الرجال
الباب الثاني : فيما ذكر عن النساء
الباب الثالث : فيما ذكر عن الصبيان
والله الموفق

عن كتاب أخبارالظراف والمتماجنين
لابن الجوزي
مجلة همسات الإلكترونية ـ البوابة
